قوله تعالى { قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } كان المعلون مشبّها لذلك قال وما رب العالمين اى اى شئ هو فوقع فى الخيال فاجابه موسى و { قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ } اى موجد الاشياء بلا كيف وهو منزه عن التكييف والتصوير وزاد الحجة عليه من حيث قطع نسبة التشبيه عنه بقوله { قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } اى ليس الخالق كالمخلوق اوجدكم واوجد آباءكم من العدم بقوة القدم ومن كان قديما انقطع عنه اشارات الاوهام والخيال فلما سمع الملعون حجة كاملة وعلم ان حجته انقطع نسب موسى الى الجنون لما لم يكن له جواب لموسى وخاف أن يسقط من اعين قومه قال عمرو المكى علم فرعون ان الحجة قد وجبت فخاف الافتضاح عند قومه فاعرض عن مساءلة موسى ورجع الى قومه وقال ان رسولكم الذى ارسل اليكم لمجنون قال موسى رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون تبين بذلك حجته وظهرا افتضاحه فى انقطاعه فثبت الحجة عليه اذ لم يدفع الحجة بحجة والاشارة فى قوله { قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ } مشرق قلوب العارفين يشرق بطلوع شمس تجلى الصفات والذات ومغرب نفوسهم التى هى معدن ظلمات قهره حين ابتلاهم بالاستتار بعد التجلى قال ابن عطا منور قلوب اوليائه بالايمان ومشرق ظواهرهم به ومظلم قلوب اعدائه بالكفر والعصيان ومظهر آثار تلك الظلم على هياكلهم.