الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ } * { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } * { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } * { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ }

قوله تعالى { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ } ان الله سبحانه اوجد الكون من العرش الى الثرى بالكاف والنون وكان بين الكاف والنون مظلما بظلمة العدم محجوباً عن نور القدم لانه معلول بعلة الحدوث ولم ينكشف المسكون هناك نور الكاف والنون فبقى كمشكاة بلا سراج فجعل الكاف قنديلا والنون فتيله بنور الصفة فاضاء الكون بنور الصفة ثم وضع القنديل فى زجاجة فعله العلم ووضع زجاجة الفعل فى الكون ثم نور الكون بعد تنويره بنور الصفات بانوار الذات حتى يكون الكون كمشكاة منورة بمصباح الصفة التى معدنها الذات فاضاء نور الذات فى الصفة واضاء نور الصفة فى نور فعله الخاص واضاء نور فعله الخاص فى قنديل الكاف والنون واضاء نور الكاف والنون زجاجة فعله العام واضاء نور فعله العام فى مشكاة الكون فاذا رايت المشكاة رايت نور الكاف والنون واذا رايت نور الكاف والنون رايت نور فعله الخاص الذى هو غنى بقوله { يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ } مباركة اذ هى اصلها مصدر الصفة التى اصلها الذات المنزه عن البداية والنهاية { لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ } لا من شرق ظهور الكون من العدم ولا من غرب عدم الكون عند القدم { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ } قيل ان يصل اليه نور الصفات لانها صدرت من الصفات فرسل نور الصفات الى نور الفعل الخاص وصار نورا كقوله { وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ } واذا رايت نور هذه الشجرة رايت نور الصفة واذا رايت نور الصفة رايت نور الذات واذا رايت الذات رايت عين العين واذا رايت الصفات رايت العين واذا رايت الفعل رايت عين الجمع واذا رايت عين الجمع رايت الكون مراة الفعل يظهر منها انوار الذات والصفات لمن له استعداد النظر الى مشاهدة القدم بنعت الاصطفائية الازلية وذلك قوله { يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ } حتى تعرف بهذا المثال ظهور نعوت القدم فى مراة الكون لاهل الكرم من العارفين قال الله { وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ } وهم باختصاصهم عليهم بقوله { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ } عليم بكل مثل وعبر وبرهان وسلطان وايضا فيه اشارة اخرى فى قوله الله نور السماوات والارض اراد بالسماوات والارض صورة المؤمن راسه السماوات وبدنه الارض وهو بجلاله وقدره نور هذه السماوات والارض اذ زيّن الراس بنور السمع والبصر والشم والذوق والبيان فى اللسان فنور العين كنور الشمس والشمس ونور الاذنين كنور الزهرة والمشترى ونور الفم والانف كنور المريخ وزحل ونور اللسان كنور العطارد وهذه السيارات النيرات ترى فى بروج الراس ونور ارض البدن الجوارح والاعضاء والعضلات واللحم والدم والثمرات عظامها الجبال انور الله هذه السماوات والارضين منورة بنور فعله وفعله منور بنور اسمائه واسماؤه منورة بنور صفاته ونور صفاته منور بنور ذاته وذاته نور الكل اذ الكل قائم بذاته فنور ذاته ونور صفاته لا يضاهي الانوار لان نوره منزه عن المشابهة بالانوار فمن نوره الشجرة والثمرة ومن نوره الصدف والجوهر ومن نوره الذهب والفضة ومن نوره الدر والياقوت ومن نوره العرش والكرسى والجنة وما فيها ومن نوره السماوات والارض ومن نوره الارواح والاشباح ومن نوره العقل والقلوب ومن نوره تنورت هذه النيرات واضاءت هذه الآيات نور قدرته زينها التركيب ونور علمه نورها بالانتظام ونور سمعه نورها بالقيام ونور بصره زينها بالوان العجائب ونور ارادته زينها بالارتسام والبقاء ونور كلامه زينها بالنماء والبركات ونور حياته زينها بالحياة ونور قدمه زينها بغرايب الالطاف ونور بقائه زينها بالارواح الفعلية والقدسية الفطرية ونور ذاته زينها بالوجود سبحانه المنزه بجلاله اوجد الكون بنور القدم وانوره عن ظلمة العدم مثل نوره كمشكاة فيها مصباح صدر العارف كوة فعله ومشكاة امره وروح العارف قنديل قدرته وفتيلة قنديله عقله الغريزى وفطرته الفعلى واستعداده الروحانى ودهنه المعرفة وقلبه زجاجة المشبه ومصباحه انوار الصفة القديمة المنزهة عن مباشرة الاكوان والحدثان والحلول فى الزمان والمكان اسرج بمصباح صفاته قنديل الروح وفتيلة العقل وزاد نور المصباح من نور الذات اذ الذات والصفات مكشوفان لها فى جميع الاوقات بنعت السرمدية ولو امتنع انوارها عنها انطفى مصباحها ولم يكن ناظرة إلى الغيب وأمدَّ المصباح بدهن معرفته ذلك وتلك الشجرة المباركة منابتها العقل الملكوتى وصانعها الحكمة الجبروتية وهى فى جميع الانفاس على مقابلة شمس الالوهية لا يقع عليها ظلال غدوة شرق القدم ولا ظلال عشية غرب الفناء فى ارض مشرق المشاهدة منورة بجمال شمس القدم والبقاء لذلك نفى علة الحجاب بالحدثان بقوله لا شرقية ولا غربية وتلك المعرفة التى هى الشجرة المباركة يكاد دهن نورها يضئ بنور الفعل قبل أن يصل اليها نور الصفة قال تعالى { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } فلما وصل نور الصفة إلى نور المعرفة والعقل الملكوتي ونور الفعل يضيء بنور الله وببصر الله بالله لا بغير الله قال الله تعالى { نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ } يضرب مثل نور صفاته بالمصباح وشبه الروح بالقنديل وشبه القلب بالمشكاة دون الروح فى القلب والنور فى الروح والمعرفة دهن قنديل الروح وتلك الكوة هى القلب والقلب فى الصدر لا منفذ اليها لرياح القهر والشقاوة اذ القلب فى اصبع الصفة يقلبها كيف يشاء والروح فى يمين القدرة قال عليه السّلام

السابقالتالي
2 3 4