الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

قوله تعالى { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } فيه استشهاد على ان لا يجوز للعارفين ان يبدوا زينة حقائق معرفتهم وما يكشف الله لهم من عالم الملكوت وانوار الذات والصفات ولا المواجيد الا ما ظهر منهم بغلبات الشطح والاشارات المشكلة وهذه الاحوال اشرف زينة للعارفين قال بعضهم أزين ما تزين به العبد الطاعة فاذا اظهرها فقد ذهبت زينتها وقال بعضهم الحكمة وفى هذه الآية لاهل المعرفة ان من اظهر شيئا من افعاله الا ما ظهر عليه من غير قصد له فقد سقط به عن رؤية الحق لان ما وقع عليه رؤية الخلق ساقط عن رؤية الحق قوله تعالى { وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } قرن التوبة بالايمان ثم قرنها بالفلاح معناه من رجع الى الله من نفسه والاكوان وشاهد مشاهد الربوبية فاز من عذاب الفرقة وظهر بالمشاهدة والاستقامة فليطلبه فى تصحيح توبته ودوام تضرعه وانابته فان تصحيح التوبة تحقيق الايمان والوصول الى حقيقة المعرفة قال الله { وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً } وقد وقع لى هٰهنا اشارة لطيفة ان الله سبحانه طالب المؤمنين جميعا بالتوبة ومن أمن بالله وترك الشرك فقد تاب وصح توبته ورجوعه الى الله وان خطر عليه خاطر او جرى عليه معصية فهم فى حيز التوبة فان المؤمن اذا جرى عليه معصية ضاق صدره واهتم قلبه وقدم روحه ورجع سره هذا للعلوم والاشارة فى الخصوص ان الجميع محجوبون اصل النكرة وما وجدوا به من القربة وسكنوا بمقاماتهم ومشاهداتهم ومعرفتهم توحيدهم اى انتم بعد فى حجاب هذه المقامات تبوا منها اليّ فان رؤيتها اعظم الشرك فى المعرفة لان من ظن انه واصل وليس له حاصل من معرفة وجوده وكنه جلال عزته فمن هذا وجب التوبة عليهم فى جميع الانفاس لذلك هجم حبيب الله فى بحر الفناء وقال " انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم مائة مرة " وسمعت ان الخضروية قال لابى يزيد اريد ان اتوب ولا اقدر فقال ويحك العزة لله وانت تطلب العزة ويافهم ان عقيب كل توبة توبة حتى تتوب من التوبة وتقع فى بحر الفناء من غلبة رؤية القدم والبقاء.