الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } * { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }

قوله تعالى { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } جعل الله عيسى وامه مشكاتى انوار قدسه ومرآتى تجلى جلاله وجماله لبصراء الصديقين ونظار المقربين واواهما الى ربوة تلال مشاهد القدم ذات قرار الاسرار العارفين ومعين سوق ابحار الكرم التى شرباتها تحيى الاسهار من موت الفناء وتبلغها الى حياة البقاء ثم خاطب روحه وكلمته باسم الجمع لان كان مجامع اخلاق جميع الانبياء والرسل ويمكن ان هذا خطاب مع سيد الرسل محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو اليق بذلك لانه بحر الله ينشق منها انهار الانبياء والرسل ثم امره باكل الحلال بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } الاشارة الى خوان دنا فتدلى ومشاهدة الأعلى بين كان قاب قوسين او ادنى جلال مشاهدته ورحال جماله جلال للعارفين حيث لا يدخل فيه علة الحرمان ولا فيه مخائيل الشيطان فطلب منه بعد اكل موائد المشاهدة العمل الصالح وهو التبرى من الحدثان و تلاشى النفس بنعت المعرفة فى جمال الوهيته بقوله { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } فلما دنا من قرب القرب ووصل الى اسرار السر فرد القدم عن علة الحدث بقوله عليه السَّلام " لا احصى ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك " أكل عيسى من ربوة المشاهدة ومائدة القربة فلما راى سطوات الديمومية شملت وجوده افنى نفسه لثبوت العمل الصالح عن ادراك عزته بشرط الحقيقة بقوله تعلم ما فى نفسى ولا اعلم ما فى نفسك قال سهل الطيبات الجلال والصالحات من الاعمال آداب الامر بالفرض والسنة واجتناب النهى باطنا وظاهرا.