الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ }

قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } بين الله سبحانه ذل الخليقة تحت قهر سلطانه وعظمة كبرياء قدمه لئلا يقبل على معدن الضعف وذل من يطلب العز السرمدى فان الخليقة ممنوعة عن قوة قادرية احدية وكيف يكون لها مشية وقدرة وجميعها فى قبضة الجبروت عاجزة اسيرة لعزته وجلاله دعا الخلق بنعت الاقبال اليه بلسان الغيرة عن الاقبال على معادن الحدثية ليكونوا عارفين بعز الربوبية وذل الخليقة قال ابن عطا دلهم بهذا على مقاديرهم فمن كان اشد هيبة واعظم ملكا لا يمكنه الاحتراز من اهون الخلق واضعفه يعلم بذلك عجزه وضعفه وعبوديته وذلته ولا يفتخر على ابناء جنسه من بنى آدم بما يملكه من الدنيا قال ابو بكر بن طاهر ضعف الطالب ان يدركه والمطلوب ان يقوته ثم بين سبحانه بعد ذكره عجز الخلق والخليقة جلال قدره الذى لا يعرفه غيره بقوله { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } ازال المخائيل والاوهام والعقول عن ادراك جلاله وقدره وهذا شكاية الله عن اشارة الخلق اليه بما هو غير موصوف به ذكر غيرته اذا اقبلوا الى غير من هو موصوف بالقوة الازلية والعز السرمدية الا ترى كيف قال الله { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } قال الواسطى لا يعرف قدر الحق الا الحق وكيف يقدر قدره احد وقد عجز عن معرفة قدر الوسائط والرسل والاولياء والصديقين ومعرفة قدره ان لا تلتفت عنه الى غيره ولا تغفل عن ذكره ولا تفتر عن طاعته اذ ذاك عرفت ظاهر قدره واما حقيقة قدره فلا يقدر قدرها الا هو ثم بين سبحانه انه اصطفى من الملائكة ومن الناس رسلا يخبرون عنه ما يتعلق بعجز الخلق من ادراكه من وصف ذاته وصفاته بقوله { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ } الملائكة وسائط الانبياء والانبياء وسائط العموم والاولياء للاولياء خالصة.