الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }

قوله تعالى { وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } ارذل العمر ايام المجاهدة بعد المشاهدة وايام العزة بعد المواصلة لكيلا يعلم بعد علم بما جرى عليه من الاحوال الشريفة والمقامات الرفيعة وهذا غيرة الحق على دعوى المتحققين حين افشوا اسراره بالدعاوى الكثيرة استعيذ بالله من ذلك واستزيد منه فضله وكرمه ليخلصنا به من فتنة النفس وعثرتها ويمكن ان ذلك يتعلق بالسير فى عالم النكرات حين اختلطت بحار حقائق الربوبية فى قلب العارف الصادق فيستغرق فى حجج نكرات امتناع الاحدية عن ادراك الخليقة فيضمحل ما علم فيما لم يعلم من معرفة الذات والصفات فتحت نكراته معارف الالوهية وتحت المعارف نكرات غيرة الازل فاذا خرج من الفناء فى النكرة عن النكرة الى مقام الصحو فى المعرفة فيطلع على اسرار النكرة باسرار المعرفة كما قال سبحانه { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } يحييهم بالمعرفة بعد موتهم فى النكرة وبحياة المشاهدة بعد موت الفرقة ولذلك ضرب الله مثلا فى هذين الحالتين كما قال سبحانه { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } وهذا ما وافق قول الواسطى فى ذلك قال اندرج ما علم منه بما بسط له وفتح عليه وضرب له مثلا وترى الارض هامدة اى ساكنة عن النبات حافية عن الخضر فإذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت اى ظهرت عليه وردت ورويت ونمت إن الذى احياها بالنعوت لمحيى الموتى بالعلوم فى الدنيا والارواح فى الآخرة وقال الاستاذ ارذل العمر زمان الفترة بعد المجاهدة وحال الحجبة عقب المشاهدة ويقال السعي للحظوظ بعد القيام بالحقوق ويقال العشرة مع الاضداد ويقال يحيى النفوس بتوفيق العبادة ويحيى القلوب بانوار المشاهدة.