الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ }

قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } ان الله سبحانه نادى نداء الوعيد للناسين عهود الازل ومشاهدة الابد اى اين انتم ايها الغافلون عن بروز جلال عظمتي من حجاب الغيب فى صحارى القيامة اتقوا عن عذاب فرقتى لكى تصلوا الى جلال وصلتى فان الاكوان والحدثان تزلزل عند ظهور انوار كبريائى وسلطان بهائى فحقيقة التقوى الخروج مما دون الله بالله قال بعضهم التقوى ان لا يستغرقك شئ دون مولاك وهو الحرية وكل من طلب الجزاء لم يكن متقيا وان كان وعد له عليه ثم وصف اهل شهود سطوات العظمة والكبرياء بألوان الهيمان والسكر والهيجان بقوله { وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ } يولهون فى رؤية العظمة وجلال الهيبة ويهيمون فى أودية انوار الكبرياء والسلطنة قال جعفر اسكرهم ما شاهدوا من بساط العز وبساط الجبروت وسرادق الكبرياء حتى الجأ النبيين الى ان قالوا نفسى نفسى وقال الاستاذ فمنهم من سكره سكر الشراب ومنهم من سكره سكر المحاب وشتان بين سكر وسكر سكرهم سكر اهل الغفلة وسكرهم سكر اهل الوصلة وانّ سألتنى من سكر اصحاب الوقائع فى كواشف القدوسية وبروز انوار السبوحية فى مشاهد القيامة فسكر الاعداء من رؤية القهريات وسكر الموافقين من رؤية بدائع الافعال وسكر المريدين من لمعان الانوار وسكر المحبين من كشوف الاسرار وسكر المشتاقين من ظهور سنا الصفات وسكر العاشقين من مكاشفة الذات وسكر المقربين من الهيبة والجلال وسكر العارفين من الدخول فى جحال الوصال وسكر الموحدين من استغراقهم فى بحار الاولية وسكر الانبياء والمرسلين من اطلاعهم على اسرار سر الازلية فبعض السكارى واله فى الغفلة وبعض السكارى تائه فى العزة وبعض السكارى غائب فى الجمال وبعض السكارى فإن فى الجمال وبعض السكارى صاح فى البقاء وبعض السكارى مضمحل فى الكبرياء وبعض السكارى سكره من حلاوة الخطاب وبعض السكارى سكره من الانبساط وبعض السكارى سكره من وقوعه فى صرف شهود الازل فهؤلاء السكارى فى منازلهم سكرهم على مقادير مواردهم فى شهود القرب وقرب القرب فمن كان سكره بغيره فهو غير سكران انما هو مخبط حاله من رؤية الاحوال ومن كان سكره به فسكره من شراب الوصال فسكرى هناك من سكرى ههنا به لايما منه شرابى من رؤية صرف كنه القدم وغيرى من العباد الزهاد سكرهم من مشارب الكرم
الم بنا طيف تجلى عن الوصف   وفى ظرفه خمر وخمر على الكف
فأسكر أصحابي بخمرة كفه   واسكرنى والله من خمرة الظرف
وقال الحسين اسكرهم رؤية الجلال ومشاهدة الجمال، قال الحريرى ما اسكرهم الا الهيبة والاجلال.