الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ }

قوله { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } ان لله موازين عدله القديم لا تتغير بتغير الحدثان ولا برسوم الزمان والمكان وكل ميزان له موضع ومقام فمنها للعاشقين ومنها للعارفين ومنها للمحبين ومنها للمشتاقين ومنها للمستانسين ومنها للخاضعين ومنها للاواهين من غلبة قهر المواجيد ومنها للواجدين ومنها للعالمين ومنها للباكين عليه منه فيزن بها معالى هممهم ومقادير محنهم فى زمان هجرانه واوان امتحانه فيوفيهم بجلال قدرته ما لا يحصر عدده من قرب مشاهدته وحسن وصاله فيفتح لهم خزائن جود الازل وله ميزان للعارفين يزن انفاسهم به يضع نفسا من انفاسهم المعجونة بنفس صبح روح الازل فى كفه ويضع جميع الجنان فى اخرى فيرجح ما فيه نفس العارف بحيث لا يبقى فى جنبه الحدثان لانها خرج من غيب الرحمن منور بنوره قال القاسم الاعمال والموازين شتى والعدل ميزان الله فى الارض فمن وزن اعماله بميزان العدل فهو من العابدين ومن وزن حركاته بميزان العدل فهو من المحبين ومن وزن خطراته وانفاسه بميزان العدل فهو من العارفين وميزان العدل فى الدنيا ثلاثة ميزان النفس والارواح وميزان للقلب والعقل وميزان للمعرفة والسر فميزان النفس والروح الامر والنهى وكفتاه الوعد والوعيد وميزان القلب والعقل والايمان والتوحيد وكفتاه الثواب والعقاب وميزان المعرفة والسر الرضا والسخط وكفتاه الهرب والطلب فمن وزن افعال النفس والروح بميزان الامر والنهى بكفة الكتاب والسنة ينال الدرجات فى الجنان من وزن حركات القلب والعقل بميزان الثواب والعقاب بكفة الوعد والوعيد اصاب الدرجات ونجا من جميع المشقات ومن وزن خطرات المعرفة والسر بميزان الرضا والسخط بكفة الهرب والطلب نجا من الذى هرب ووصل الى ما طلب فيصير عيشه فى الدنيا على الهرب وخروجه منها على الطلب وعاقبته الى غاية الطرب فمن اراد الوصول الى المسبب فعليه بالهرب من السبب فان السبب حجاب كل طالب.