الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } * { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ }

قوله تعالى { وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } اى اذا اردتما ان تذكراني فاذكراني لي حتى لا تضعفا تحت اثقال ذكرى فان ذكر القديم لا يحتمل الا بقوة من القديم وايضا لا تغيبا عن مشاهدتي باشتغالكم بامرى حتى لا تكونا فاترين بى عنى قال سهل لا تكثر الذكر باللسان وتغفلا عن مراقبة القلب ثم ان الله سبحانه امر موسى وهارون بالذهاب الى فرعون لقطع حجته واظهار كذبه فى دعواه بقوله { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } هذا تهديد لكل من لا يكون معه بينة من الله فى دعوى الحكمة فى ارسال الانبياء إلى الاعداء ليعرفوا عجزهم عن هداية الخلق الى الله ومن العجز عن هداية غيره فأيضاً عن هداية نفسه ويعلم ان الاختصاص لا يكون بالاسباب ويشكروا بما انعم عليهم بلطفه وربما يصطادون من بين الكفرة من يكون له استعداد ونظر الغيب مثل حبيب النجار ورجل من آل فرعون وامرأة فرعون والسحرة قال ابن عطا الاشارة الى فرعون وهو الملعون بالحقيقة الى السحرة فان الله يرسل انبياءه الى اعدائه ولم يكن لأعدائه عنده من الخطر ما يرسل اليهم انبياءه ولكن يبعث الانبياء اليهم ليخرج اولياء المؤمنين من اعدائه الكفرة ثم بين سبحانه انه بلطفه وكرمه للمؤمنين بما اظهر لطفه باعدائه بقوله { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً } انظر كيف تلطف باعدائه فهذا لطفه باعدائه فكيف لطفه باوليائه علم عجزه وضعفه وكذبه وعلمه بنفسه بان أعجز العاجزين ولكن ضرب قهر الجبارية ولتطمته اليد على قفاه وبعده من باب العبودية مع استعداده بقبول المعرفة ولولا ذلك لما قال { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ } ومن ذلك الاستعداد وقع فى بحر دعواه ولولا كان فى نفسه شئ من ذلك لم يجترئ او يخرج بذلك الدعوى الا ترى ان دعواه لم يقع الا لقليل من الخلق من الكفرة وفى كل موضع يظهرسيما فقر القدر بنعت المباشرة يفيض سكرا كما يفيض لطف الازل سكراً فسكراً لطف وصف الروح الناطقة ولدعواي فى الحقيقة وجه من الحقيقة وسكر القهر وصف النفس الامارة لولا اختلاف المكانين واللباسين يقع لفرعون ما يقع لاهل الحقائق من دعوى الانائية ومن هٰهنا امر الصفيين المكرمين بان يقولا له قولا لينا لانه يكفى ما عليه من قهره قدمه فاثقال البعد والسقوط من رجات المؤمنين العارفين وفيه اشارة لطف الله بموسى وهارون ليكونا متخلقين بخلق الله فى تأديب عباد الله وعلم الله سبحانه حدة موسى وقلة احتماله رؤية المخالفين من اعداء الله فاوكد العزم عليها لئلا يغضبا عليه فى دعواه الذى قال لئن اتخذت الها غيرى لئلا يسقط سبيل الحجة عليه قال يحيى بن معاذ هذا رفقك بمن اذاك فكيف رفقك بمن يوذى فيك قال النهرجورى قال الله لموسى فقولا له قولا لينا لانه احسن اليك فى ابتداء امرك فلم تكافئه فاجبت ان اكافئه عنك.