الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي }

{ وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً } يعبر قولى لهم فانه يحسُّ مقالتى واشاراتى التى هى من مجمع بحار الكلام الازلى والشهود الابدى والأكوان مشغولاً عنك بغيرك هذا من عموم التفسير واشارات الحقائق اصفى من كل صفاء وهى ان موسى كليم الله عرف مكانه من مواجهة خطاب الازل ومشاهدة جلال القدم وبقائه ببقاء الحق مع الحق وانه يكون بضعف حدوثيته موازياً لشهود القدم الى البقاء بصوف كشف الذات والصفات وانه يفنى باول برقة تتبرق من بروق انوار جلال الذات والصفات ولو كان موسى الف الف موسى وكل موسى فى موسى اعظم من العرش والكرسى والكون والكائنات وما فيها يضمحل فى صدمة واحدة من سطوات الوهية الحق فسأل ان يشرح صدره بنور التجلى والجود الأزلى وبسطه ببسط الابدى حتى يكون صدره حاملا لتجلى جميع الذات والصفات فمن هذه الاشارة وقع سؤاله فى حيز الاستحالة لان الحق اجل من ان يكون ذاته وصفاته فى حيز علوم الحدثان وادراك اهل الزمان والمكان وقوله ويسر لى امر طلب الربوبية اى يسر لى الربوبية من حيث الاتصاف والاتحاد وهذا جرأة العشاق وقع ايضا هذا السؤال فى محل الاستحالة لان الربوبيّة لا تفارق عن مصدر الازل وقوله واحلل عقدة من لسانى اى لسانى لسان الحدث وبدله بلسان قدوسي سبوحى صمدانى ربانى حتى اطيق ان اتكلم به معك كما تتكلم معى واذا كان لسانى لسانك اكون قادرا بان اخبر عنك وصفك كما هو ولو اخبرهم عنك بلسانى كيف اخبرهم والعبادة عنك بغير لسانى القدم مستحيلة وقال الحسين لما ازال الحق عنه التوقف وجاء الى الله بالله ولم تبق عليه باقية بما يمتنع اقيم مقام المواجهة واطلق مصطنعه لسانه نظر الى اليق الاحوال به فسأل مليكه شرح صدره وليتسع مقام المواجهة والمخاطبة ثم نظر الى اليق الاحوال به فاذا هو تيسر امره فسأل ذلك على التمام ليترقى به حاله الى أرفع المقام وهو المجيء الى الله بالله لعلمه بان من وصل اليه لا يعترض عليه عارضة بحال ثم نظر الى اليق الاحوال به فسأل حل العقدة من لسانه ليكون اذ ذاك مالكا لنطقه وبيانه فلما تمت له هذه الاحوال صلح للمجيء الى الله وكان ممن وفى المواقيت فاحتجب عنه الاحوال ولم يرها وذهب عن غيبه وظهوره وما عداهما الا كان للحق منه ومعه حتى يحقق بقوله { قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ }.

وقال بعضهم سأله حل عقد الحياء عنه فإنه استحيا أن يخاطب عدو الله فرعون بلسان به خاطب الحق وقال ابن عطا اشرح لي صدري لاستماع كلامك ويسر لي أمري بالوقوف معك واحلل عقدة النفسانية من لساني وقال الجنيد ما سأل الله موسى في هذه الآية إلا الإخلاق وقال جعفر لما كلم الله موسى عقد لسان موسى عن مكالمة غيره فلما أمره بالذهاب إلى فرعون ناجا ربه وقال واحلل عقدة من لساني لأكون قائماً بالأوامر على أتم مقام وقال ابن عطا اكشف عن صدري حتى لا أشاهد غيرك ويسر لي أمري حتى لا أنطق إلا بمعرفتك واحلل عقدة الإنسانية من لساني حتى لا أتكلم إلا بما أتلقنه منك وقال جعفر واحلل عقدة من لساني عقدة الهيبة والإجلال ولما سأل وزارة أخيه بين مراده منه بما أخبر الله عنه بقولهكَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً }