الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } * { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }

قوله تعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } اى اذا كنت متعرضا لمشاهدة جلالنا فاذكر آلاءنا ونعماءنا عليك مما عرفك خزائن جود الالوهية وعلوم الربوبية ونزه بذكرك صفاتنا حتى تكون مقدسا بذكرنا عن رؤية غيرنا فاذا تقدست بنا عن أوصافك تطلع عليك شمس جمالنا وينكشف لك انوار وصالنا فاذا حان ان تغيب عنك حالك ففر بنعت القدس والطهارة عن لذة حالك الينا حتى تبقى عليك آثار انوار شمس عزتنا واذا كنت غائبا بشريعتنا فى آناء ليل الامتحان قف على باب ربوبيتنا بنعت التنزيه والتفريد واذكر شمائل منتنا عليك تزيد عليك كشف الصمدانية وبروز انوار الوحدانية لعلك تصل الى مقام المحمود من حيث دنو الدنو الذى لا يبقى بينى وبينك بين ولا بون ولا غير ولا حجاب ترضى برويتى عن رؤية كل خلق ثم حذره عن النظر الى زينة الكون بنظر الاستحسان لئلا يشتغل بشيء دونه لحظة بقوله { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } ان الله سبحانه البس الكون انوار بهائه فصرف نظر نبيه عن ذلك حتى ينظر اليه صرفا بلا واسطة ألا ترى الى قوله الم تر إلى ربك ولأن روحه كان عاشقا بالله مستأنسا بكل شئ مليح وبان نظره اعظم من ان ينظر به الى شئ دون الله قال الواسطى هذه تسلية للفقراء وتعزيه لهم حيث منع خير الخلق عن النظر الى الدنيا على وجه الاستحسان ثم بين ان ما له من المكاشفة والمشاهدة والقربة والرسالة بلا واسطة خير مما كان له فى رؤية الكون بقوله { وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } رزقه وصاله وكشف جماله ثم امره بالمعبودية وملازمة الطاعة بقوله { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا } الاصطبار مقام المجاهدة والصبر مقام المشاهدة قال ابن عطا اشد انواع الصبر الاصطبار وهو السكون تحت موارد البلاء بالسر والقلب والنفس والصبر بالنفس لا غير وقال الجنيد أي وامر اهلك بالاتصال بنا والاصطبار على تلك المواصلة معناه ومن يطيق ذلك الا المؤيّدون من جهدَنا بانواع التأييد قال يحيى بن معاذ للعابدين اردية يكسونها من عند الله سداها الصلاة ولحمتها الصوم ثم بين ان عواقب السعادة مقرونه بالتقوى بقوله { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } التقوى الخروج مما دون الله والحياء فى جلال الله قال ابو عثمان هو ذم النفس والجوارح عن جميع ما يقبحه العلم.