الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }

قوله تعالى { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } ان الله سبحانه فتح ابصار سرّ نبيه وحبيبه وكشف لها بحار علومه الازلية وعرفه مكان قصور علمه فيها فامره باستزادة علمه وقال وقل رب زدنى علما قال محمد بن الفضل رب زدنى علما بنفسي وما تضمره من الشرور والمكر والغدر لاقوم بمعونتك فى مداواة كل شئ منها تداويها ثم اخبر سبحانه عن لسان آدم صورة الامر من غلبة سطوة ارادته بقوله { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ } ان الله سبحانه قدر قبل الكون وقبل آدم أن آدم مصطفى مجتبى بالرسالة والنبوة وعلم الاسماء والجلال والكمال وانه يعرف الله بطريق كل اسم من اسمائه ونعت من نعوته ومن نعته قهر جبروته فجر آدم باسمه الى نعته ومن نعته الى صفته ومن صفته الى رؤية ذاته فالبس نور بهائه الشجرة المنهية واراه ذلك النور البهاء الربانى ثم امره بالاجتناب عنها والقى فى قلبه محبة قربها لانها مرآة جلاله يتجلى آدم منها فغلبت المحبة على الامر وسلبته لطائف تلك الجمال فوقع فى هيجان شوقها وغمار لذة بهاء مشاهدتها فترك صورة الامر لشوق جمال الامر ووقع فى بحر القهر بغير مبالاته على العهد لان عهد الازل باصطفائيته سابق عهد الامر فمن رؤيته عهد الازل ترك عهد الامر فاجترأ لعلمه بمكانته بوصف الاصطفائية عند الحق وقبوله لان أمد القبول الازلى لا يؤثر فيه مباشرة المعصية وقوله { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } لم يجد الحق فى قلب آدم عزم متابعة أمري الظاهر عند العهد لان فى قلبه رؤية ما يتولد من اكل الشجرة من خروج عرائس القدورات الغيبية من مكمن القدم يا عاقل قد بت لنقض عهده الذى بسببه بدا اعلام دولة المرسلين والنبيين والصديقين وحقيقة عهد الله مع آدم أن لا يسكن بشئ دونه وان كان وسيلة الى قربه ومشاهدته فلما ارتهن فى طريق الوصول بوسيلة وقع العصيان عليه لما لم يسلك فى طلب الحقيقة بنعت التجريد واسقاط الوسائط قال ابن عطا عهدنا الى آدم ان لا تطالع معى سواى فنسى عهدى وطالع الجنان ولم نجد له عزما اى لم يطالع بسره ولكن طالعه بعينه فنادى عليه وعصى آدم ربه فغوى قال الواسطى فنسى ولم نجد له عزما اى قوة على ضبط نفسه وان كان الواجب ان ارتكاب المباشرة اوجب زوال النسيان فان غيبته عن شاهده ليريه شواهد عبوديته تنبيها وتزيينا وقال ايضا فنسى له وجهان اى جهل قدر عهده وفرق بين من نسى الحضرة وبين من نسى فى الغيبة لذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم " رفع عن امتى الخطأ والنسيان ".