الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } * { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ } * { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } * { أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ }

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } هؤلاء اهل الدعاوى الذي يزينون ظَواهرَهم بشعار المخلصين ويُخربُونَ بواطنهم بسوء اخلاق المنافقين كلامهم كلام الصدّيقين وافعالهم افعال المكذبين وقيل ان الناس اسم جنسٍ واسم الجنس لا تخاطب به الاولياء وقال بعضهم ليس الايمان ما يتزيّن العبيد قولاً وفعلاً لكن الايمان جرى السّعادة فى سابق الازل وامّا ظهورها على الهياكل فربّما يكون عواري وربّما يكون حقائق { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا } اي يخادعون اولياء الله مِنْ حيث اقرار الايمان بالقلوب واخِفاء التداهُن في النفوس { وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم } حين لا يعلمون تفرسَ اهل الولاية فيفتضحون عندهم واما خدعهم مع اهل الايمان من حيث الظواهر قولاً وفعلاً ودَسَائسهم في البواطن حِقْداً وبعداً وايضاً يخادعون الله بالفرار والذين أمنوا بالاقرار وقال بعض العراقيين الخداع والمكر تنبيه من جهة شهود السعايات والالتفات الى الطاعات كي لا يعتقد فيها بانها اسباب الوصول الحق كلا { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } اي دعوته تشغلها قبول الحق وتلهيها بقبول الخلق وايضاً اي غفلة عن ذكر العقبى وهمة مشغولة بحب الدّنيا { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً } بتبعيدهم من قربه وتشغيلهم عن ذكره وقيل { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } بخلوّها من العصمة والتوفيق والرعاية وقال بعضهم بميلهم الى نفوسهم وتعظيم طاعتهم عندهم ومن مال الى شيء عَمِي عن غيبه فزادهم الله مرضاً بان حَسَّن عندهم قبائحهم فافتخروا بها وقال سهل المرض الرياءُ والعجب وقلة الاخلاص وذلك مرض لا يدَاوى الا بالجوع والتقطع وقال ايضاً مرضٌ بقلة المعرفة بنعم الله تعالى والقعود عن القيام بشكرها والغفلة عنها وهذا مرض القلب الذي ربُما يتعدّى { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } اي لا تنكروا اولياء الله ولا تشوّشوا قلوبَ المريدين بغيبة شيوخهم عندهم ولا تلقوهم الى تهلكة الفراق وقنطرة النفاق وايضاً لا تخربوا مزارعَ الايمان في قلوبكم بالركون الى الدّنيا ولذاتها امّا قولهم { إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } فاوقَعَهم اللهُ في شر الاستدراج وحجَبَهم عن اصلاح المنهاج فُرأوا مسَاوئهم المحاسِن فاحتجبوا عن المعنى وخرجوا بالدّعوى ويحسبون انهم يحسنون صنعا في ترك نصيحة العلماء ومصَادفة الاولياء وهذا معنى قوله تعالى { وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ } وقيل { هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ } بعصيان الناصحين لهم ولكن لا يشعرون لانّهم محجوبون عن طريق الانابة والهداية.