الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

{ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ } اي آثرتم تمثال الشيطان على مشاهدة الرحمٰن وايضاً جهلتم صنع الخالق من صنع المخلوق وقيل فيه عجل كل انسان نفسه فمن اسقطه وخالف مراده هواه فقد بَرِى من ظلمه { فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } اي فارجعوا عن روية مَوَاهبه الى معرفة نفسه واقتلوا انفسكم بسيوف همومكم حتى لا يزاحِمَكم في قربة بربّكم وايضاً توبوا من روية توبتكم عَلَيْكم واقتلوا انفسكم بمعرفتكم برؤية توبة ربّكم عليها حتى توصلكم معرفتها ومخالفتها الى معرفة ربّكم التوبة هٰهنا مَحو اصول الخيال عند مبادى المكاشفات وقتل النفس عند وجدان المشاهدات قرباناً من البَرّيات لصفات الازليات وايضاً فاقتلوا انفسكم بالمجاهدات بعد معرفة النفوس بعين النكرة على حقيقة المعرفة حتى توصلكم الى عين الجمع وصرف الاتحاد بلا رسومات البشرية وقيل فاقتلوا انفكسم في طاعته ثم توبوا اليه من افعالكم واقوالكم وطاعاتكم قال ابن منصور التوبة محو البَشَرِية باثبات الالهية وقتل النفس عما دون الله تعالى وعن الله حتى ترجع الى اصل القديم ويبقى الحق كما لم يزلُ وقيل اذا كان اوّل قدم في العبودية التوبة وهو اتلاف النفس وقتلها بترك الشهوات وقطعها عن الملاذِ فكيف الوصول الى شئ من منازل الصديقين وفي اوّل قدمٍ منها تَلَفَ المهج وقيل توبوا الى بارئكم اى ارجعوا اليه باسراركم وقلوبكم واقتلوا انفسكم بالتبرى منها فانها لا تصلح لبساط الانس وقال ابن منصورٍ ما شرَعَ الحق اليه طريقاً الاّ واوائله التلفَ قال الله تعالى توبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم فما دَامَ يصحبك تميز وعقل فانت في عين الجَهل حتى تضل عقلك ويذهب خاطرك وتفقد نسبتك اذِ ذاك عَسَى ولَعَلّ وقال الواسطى كان توبة بنى اسرائيل افناء انفسِهِم ولهذه الامة اشد وهو افناء نفوسهم عن مرادها مع بقاء رسوم الهياكل وقال الفارس التوبة محو البشرية باثبات الالهية قال الله تعالى توبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسَكم وقيل القوا عن انفسكم كل شئ لا يقرُّبكم الى الله تعالى.