الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

{ يُؤّتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ } الحكمة ادراك انوار بواطن القلوب اسرار عجائب بواطن العيوب والحكمة ما حفظته الارواح من الواح الملكوت تلقف العقول الهام الاحكام من علل الجبروت والحكمة ادب الربانى لتهذيب خلق الانسانى وايضا الحكمة معرفة الاخلاق واطلاع لغيوب النفس ودقائق الشيطان والعلم بفرق حديث النفس والعدو ولمسة الملك وارشاد العقل وبصيرة القلب دفعه الهام الحق ونطق الروح ورمز السر وانواع خطاب الحق ومعرفة اقتدار الخلق ومداواة حرض الباطن ودفع الوسوسة والمعرفة باحوال الخلق والمقامات ووقائع المكاشفات وانوار المشاهدات وادراك منازل المعرفة ودرجات التوحيد وما يليق بهذه الحقائق مثل معرفة دقائق الرياء وشك النفس والخطرات المذمومة والبلوغ الى علم اللدنى والكرامات والفراسات الخاصة وروية الغيب بالغيب والمحادثة والمخاطبة والمكالمة مع الحق جل اسمه فى اسرار الخلوات وانوار المناجاة ومن يؤتى هذه الدرجات فقد اوتى خلافة الانبياء والرسل ودرجة الملائكة الكرام وهذه منزلة الاعلى من منازل الاولياء ومرتبة العليا من مقامات الاصفياء وهو خير الدنيا والآخرة وايضا صرف الحكمة ادراك مراد الحق من رموز خطابه وامتثال ما ادركه له والحكمة زم الجوارح ودفع الخواطر والسكون فى الطوارق وفى الجملة ما تلتفت الروح الناطقة من الحق سبحانه من خصائص الكلام والاشارات الالهية والحكمة المعرفة بافعاله فى المصنوعات والآيات وايضا شهود السر على اسرار شواهد الملكوت ورؤية غرائبها وايضا الحكمة عند العارفين ولوح السر قباب الغيب واطلاعه على خزائن الملكوت برؤية العيان الا بالدلائل والبرهان وتحصيله علوم الربوبية بلا واسطة الشواهد وانشراحه باقتباس انوار القربة وانفساخه بادراك خطاب الخاص واندراجه مرقات الصفات وبسطه فى مشاهدة الذات واذا بلغ السر مدارج الربوبية عرف مراد الحق عز وجل فى مجارى احكامه وراى فى الشواهد صرف الالوهية بنعت جريان القدرة لان الحكمة فى هذه المواطن من بلوغ الروح سر عين الجمع وهو صفة الاتحاد وافهم ان الحكمة من صفة الحق سبحانه الخاصة الذاتية القديمة ولا تدركها الا بشرط الاتحاد واذا اراد الله تعالى ان يهدى عبدا من عباده الى مقام الحكمة البس روحه تلك الصفة حتى تصبر ربانية صمدانية مطلعة على جميع الاشياء ظاهراً وباطنا وتفرست المغيبات وتدرك حقائق الاشياء بتلك الصفة الخاصة وهذه كلها مستفادة من قوله تعالى { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً } وقال تعالى فى بعض اخباره التى اخبر نبيه عليه السلام لا يزال العبد تقرب الى بالنوافل حتى كنت سمعه الذى يسمع بى وبصره الذى يبصرنى ولسانه الذى ينطق بى وقلبه الذى يعقل بى فاذا كان جميع وجوده مستغرقا فى روية خالقه فكيف لا يطلع على مكنونات الغيب ومطلعه بنعت صفة الخاص هو الله تعالى وقيل الحكمة اشارة لا علة فيها وقيل الحكمة اشهاد الحق على جميع الاحوال وقيل الحكمة تجريد السر بورود الالهام وقال ابو عثمان الحكمة هى النور المفرق بين الالهام والوسواس وقال الشيخ ابو عبد الرحمٰن سمعت منصور بن عبد الله يقول سمعت الكتابى يقول ان الله بعث الرسل بالتصبح لانفس خلقه وانزل الكتاب لتنبيه قلوبهم وانزل الحكمة ليسكن ارواحهم بها والرسول داع الى امره والكتاب داع الى احكامه والحكمة مشيرة الى فضله وقال القاسم الحكمة ان يحكم عليك خاطر الحق ولا يحكم عليك شهوتك وقال الجنيد احيا الله قوما بالحكمة ومدحهم عليها فقال ومن يوت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وقال عبد الله بن المبارك الحكمة الخشية وقيل الحكمة اصابة القول مع صحة الفعل بالاخلاص وقيل بعضهم متى اثر فيك الحكمة قال منذ بدأت احقر نفسى قال بعضهم الحكمة كنز الله والحكماء فيها ذمة الله امرهم ربهم ان ينفقوا كنز الله على عباد الله وقال بعضهم الحكمة نور الفطنة وقال معروف الكرخى من حسن علمه نزلت الحكمة فى قلبه وقال سهل الحكمة هى مجمع العلوم كلها واصلها السنة قال الله تعالى واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة والآيات الفرض والحكمة السنة وروى سهل عن شيوخه عن ابى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن حكمة الله بين عباده فمن تعلم القرآن وعمل به فكأنما استدرجت النبوة بين كتفيه الا الوحى يحاسب حساب الانبياء الا بتبليغ الرسالة وروى ايضا عن شيوخه عن ابى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2