الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَٰسِقِينَ }

{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } امّا الذين شاهدوا بنعت الاصطفاء في مشاهد الازل ورأوا جمال مشاهدة الحق وسَمِعوا كلامه فيعلمون ان القرآن حقّ من ربّهم لانهم صادقوا حقيقة مقام التصديق بنعت الارواح قبل كونِ صورتهم وبعد كونها قابلوا الاخر بالاوّل والاول بالاخر وجدوا صرفا صدقا فاستقاموا في الصدق والاخلاص حين سَمِعُوا خطاب الحق { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الَّذين لم يبلغوا مقام المشاهدة وَقَفوا في بحر الاشكال ولم يهتدوا بضرب الامثال قوله تعالى { يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً } القرآن بحر عجائب الربوبية واخبار غرائب أَسرار صفة القدسية فمن كحله الله بكحل نور الحقيقة يرَىَ بعين السّر عرائس مشاهداتِ الصفات ويَعشِق بها ويَبْقى في طلب مزيد حقيقة علومها ويندرج بمهجته تحت احكامها برسم العبوديّة ومتابعة المخاطبة ومن اعمى الله قلبه عن مشاهدة تجلى كتابه يضل في طريق النكرة ويغرق في بحر الضلالة وقيل بين العبد وبين الله بحران بحر الهلاك وبحر النجاة وقد يهلك في بحر النجاة خلق كثير كما قال { يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً }.