الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } لوجدهم من ظلمات العدم الى كشف انوار القدم وايضا يخرجهم من ظلمات الامتحان الى مشاهدة البيان وأيضاً يخرجهم من ظلمات العبودية الى جمال الربوبية وايضاً يخرجهم من الفرج بما وجدوا من المقامات والدرجات الى نور مشاهدة الذات والصفات يقدسهم ويخرجهم من ظلمات البشرية بمياه الشفقة لنور الابدية وايضا يزيلهم عن اوصافهم المحدثة ويقرهم الى بساط الجزية ويلبسهم صفات الازلية وسناء الصمدية وقال ابن عطاء يغنيهم عن صفاتهم بصفته فيندرج صفاتهم تحت صفاته كما اندرجت اكوانهم تحت كونه وحقوقهم عند ذكر حقه فيصير قائما بالحق مع الحق للحق وقال ايضاً بذل النفس لله على حكم الايمان من علامة الهدى والقيام باداء ما استدعا منهما من علامة التوفيق والانتهاء عما زجر عنه من علامة العصمة فذاك لنفى الظلمات عنه بها نوره الله تعالى انوارا من الايمان وذلك الذي يوجب له الولاية قال الله تعالى ولى الذين امنوا الآية وقال الواسطى يخرجهم من ظلمات نفوسهم صدقها ورضاها وتقواها الى نور صفاته وما سبق لهم من منابحه وقال ايضاً يخرجهم من ظلمات نفوسهم الى انوار ما جرى لهم فى السبق عن الرضا والصدق والمحبة وغيرها وقال النورى يخرجهم من ظلمات العلم الى نور المشاهدة لانه ليس للعائن كالمخبر قال الجنيد يخرجهم من الظلمات اوصافهم الى انوار صفاته قال ابو عثمان يخرجهم من روية الافعال الى روية المنن والافضال { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ } اى الذين ستروا ما قد عيانوا من نفوسهم انوار فعله وقدرته وما بدت فى قلوبهم من لوايح العقول بالشروع فى لذائذ الشهوة وغطاء الغفلة اولياؤهم الطاغوت ومتوليهم فى اغتراء التماثيل الباطلة المتخيلة الشيطان يخرجونهم من انوار العقول الى ظلمات الجهل والعنادة { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } اى اصحاب الهجران عن مشاهدة الرحمٰن { هُمْ فِيهَا } فى القطيعة والابتلاء { خَالِدُونَ } لي لهم مساغ فى الوصل أبد الابدين { أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } وقع عليه السلام فى طلب مشاهدة القدرة صرفا ليرى بنورها مشاهدة القادر فى المقدور وايضا تعجبه فى القدرة ليس بشك ولكنه تلون الخاطر ونقله من مقام الايمان الى مقام مشاهدة الحال فى ظهور البرهان وايضاً خاض فى بحر التفكر لطلب در المعرفة والفرق بين سؤال ابراهيم وعزير عليهما الصلاة والسلام ان ابراهيم كان فى محل التمكين فاراه الله تعالى مشاهدة القدرة فى غيره وكان عزير فى محل التلوين فاراه الله مشاهدة القدرة فى نفسه حتى تباشر قلبه نور الصفات فيشاهد حقيقة فعل القديم ويصير محكما فى محل التمكين وايضا مقام الخليل مقام الانبساط ومقام عزير مقام التحير فانبسط الخليل وسأل مشاهدة الصفات فى لباس الآيات فاراه ما سأله فى غيره لانه مملؤ من انوار القدرة فيطلب مزيدا على حاله وتعجب عزير نبى الله من غاية تحيره فى اسرار الربوبية فاراه الله الآيات فى نفسه تاديبا له لان اهل الانبساط ليس بمواخذين كخليل الله وايضاً سؤال الخليل فى طلب المشاهدة وتعجب عزيز تحير فى كمال القدرة بطلب الآيات تثبيتاً للوحدانية وايضا مقام الخليل مقام اتحاد تجلى الصفات ومقام عزير مقام اتحاد تجلى الافعال فبحلى الصفات باشر قلب الخليل لقوله ولكن ليطمئن قلبى وبحلى الافعال باشر صورة عزير ليكون له تحصيل العلم بقدرة القادر لقوله واعلم ان الله على شئ قدير وايضا خص الخليل بحلى الصرف بلا ايات فى نفسه فلا يحتاج الى ان يميته ثم يحييه لان الحق يتجلى له فى نفسه بلا واسطة الآيات ولكن يحتاج ان يرى الحق فى غيره فيختص بالمنزلتين الصرف والالتباس ولم يكن لعزيز مشاهدة الخاص فيحتاج ان يراه فى نفسه بواسطة موته وحياته وفى غيره يعنى فى الحمار واللبن والثمار ليكون له مقامان وان لم يكن صرفا كمشاهدة ابراهيم وهو بعد ما راى من نفسه ما راى فقيل له فانظر الى طعامك وشرابك وهو مشاهدة الله فى غيره وايضاً بلغ الخليل مقام كشف المعاينات فى الحياة وكشف له ملكوت الاشياء لاجل اقتباسه نور مشاهدة الحق فى الايات ولم يضطر الى ان يغيب روحه من الحواس حتى يرى صرف العين لانه فى حال الصحو ولم يبلغ عزير فى ذلك الزمان مقام العيان فانجاه الله الى غيبته عن الصورة بنعت الغشيان ليرى فى حال غيبته مشاهدة الحق لانه فى حال السكر فلما انتبه راى فى صحوهما راى فى سكره لكم ما راى فى السكر وحال الغيبة مشاهدة الروح وما راى فى الصحو مشاهدة العيان وقيل ارى ابراهيم احياء الموتى فى غيره وارى عزير فى نفسه لان الخليل تلطف فى السؤال فقال ارنى فارى فى الغير وتعجب عزير فى القدرة الا ترى انه ختم قصته بالايمان اعلم ان الله على كل شئ قدير وختم قصة الخليل بالعزة والحكمة فقال واعلم ان الله عزيز حكيم لأن الخليل سال اظهار الحكمة ومشاهدة العزة وعزير تعجب من القدرة فاجيب كل من حيث سال قوله تعالى { أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } يجوز ان الله تعالى امتحن الخليل بانواع البلايا فى ظاهره وباطنه أما ما في ظاهره فهو الذى اخبر الله تعالى فى كتابه انه القى فى النار وعذبه بايدى الكفار وايضاً ابتلاه بذبح الولد وما اشبهه واما الذى فى باطنه فهو ما اخبر الله من اضطراب قلبه فى تحصيل ادراك محض الربوبية وكان يقول هذا ربى مرة ويقول ارنى مرة لانه كان يطلب من خاطره اثبات محض اليقين فاخبر الله تعالى عن جميع امتحانه مع خليله عليه السلام فى آية من كتابه قال واذا ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن ومقصود الحق سبحانه وتعالى فى ذلك ان بديع بواطن انبيائه واوليائه بخطرات نفوسهم حتى يحترقوا بفقدان الحبيب وتتقدس عن شوائب البشرية والقاء الشيطانية واكثر ابتلاء الخواص هكذا كابراهيم وموسى وعزير ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم وذكر الله تعالى احوالهم جميعا فى كتابه اما لموسى ما روى عنه انه كان يقول فى مناجاته اى رب من متى انت وقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فان كنت فى شك مما انزلنا اليك وقال عليه السلام

السابقالتالي
2 3