الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }

{ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } اي ذلك سرّ الذي كُتَمْت في الحروف المُفردة للرّبانيين والروحانيين لا شك فيه وايضاً ذلك الكتابُ الذي كَتَبْتُ في صحائف القُدس من رموزا إلهامي حتى تقرأ منها ارواح الصديقين في حقائق القرآن { لاَ رَيْبَ فِيهِ } اى لا معارضة فيما تفهم اسرار العارفين من نفائس الغيب وايضاً { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } اي الذى عَلمتُ ما كان وما يكون ما يفعلُ الخلقُ بعد كونهم لا شك فيه وقيل { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } الذي جَرى في سابق علمى ان انزله اليك وقال ابو عثمان { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } الذي خاطبتُ به خواص اوليائى واحبائي امرتُهُم فيه ونهيتُهُمْ فيه فمنهم من تقرب إليّ بقراءته ومنهم من تقرب الىّ بفهمه ومنهم من تقرب الىّ بالاوامر فيه فلكل احد من عبادى فيه حَظٌّ عام وخاصٌ وقيل { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } الذي جرى في سابق علمى كتبتُ في قلوب أوليائى من محبّتي ومعرفتى ورضائي وقيل { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } الذي كتبتُ على نفسى في الازل ان رحمتى سَبَقت غضبى والكتاب اسرار الحبيب الى الحبيب فكل واحد مشرّف على ما خوطب به بقدر معرفته وحسب كشف لطائف الخطاب له وقيل { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } اشارةٌ الى ما تقَدَّم من الكتاب وقيل خطاب الاحباب عزيزٌ على الاحباب لاسيَّما عندَ فقْدِ اللقَاء وبكتاب الاحباب سلوتهم وآنسُتُهم وفيه شفاؤهم ورَوْحهم وان الله تعالى انزل كتابه على خواصّ الانبياء ليستقيموا في طلب الرّغائب ويصبروا في نزول النّوائب ويتطابوا بخطابه تسليّاً من فقدان لقائه { لاَ رَيْبَ فِيهِ } اي لا تُهْمَةَ فيما كشفت لاسرار الأنبياء والاولياء من لطائف خطابى وغرائب اسرارى وايضاً لا معارضةَ للنفس فيما عاينْتُ الرَّوحَ من سرّ الملكوت وقيل اي لا شكّ فيه لمِنَ فتحتُ سرّه وزيّنت قلبَهُ بالفهم عنّى وقيل { لاَ رَيْبَ فِيهِ } من طَهّرت سرّه بنور الاطلاع على لطائف معانيه { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } اي هادياً للعَارفينَ الى نفسى وايضاً اي بياناً عما بينى وبين عبادى من اسرار الربوبيّة والعبوديّة وايضاً اي كاشفا عمّا وعَدْت للاتقياء والاصفياء والاولياء وايضاً اي مرشداً للمريدين الى حسن الاداب وهادياً للمحبين إلى حسن الثواب ومفسراً للعارفين حقائق الخطاب وقيل كشفاً لاهل المعرفة وزيادة هدىً وبيانٍ قال ابن عطاء طريقةٌ لِمَن اراد قربى وقال سهل بيانا لمن تبرأ من حولِه وقوته والمتقى الذي وصفه الله تعالى هو الذي عَزَلَ عن الاكوان والحَدَثان تورّعا عن اغواء الشيطان وتخلقاً بخلق الرحمٰن وقال ابو يزيد المتقى من اذا قال الله واذا عَمِلَ عَمِلَ الله وقال الداراني الذي نزع من قلوبهم حب الشهوات وقيل المتّقى من اتقى رؤية تقواهُ ولم يستند الى تقواه ولم يَرَ نجاته الا بفضل مولاهُ وقال سهلٌ اذا كان هو الهادى فمن يضل في ذلك الطريق الا من سَلكه على التجارِب لا على العارف فَيصُده عن مقصده بشؤم تدبيره ويَهلِكه ولو فى في آخر القدم.