الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

{ وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ } اوجب الحق سبحانه على قدر اهل الحقيقة اتمام مقاصدهم الى بساط القربة بان يتجردوا عن الكائنات فى توجههم الى مزار القدم وان يخرجوا من الحوادث بنعت التفريد والتجريد طلبا بفنائهم بقاءه فى تحقيق التوحيد وان يغتسلوا من شوائب البشرية واوساخ الطبيعة في انهار المعرفة وان يلبسوا احرام العبودية لقصدهم عرفان الربوبية ويتموا اجابة الحق بادائهم ما افترض عليهم من بذل النفوس فى العبودية والارواح في سلطنة الربوبية لتقترن اجابة الظاهر باجابة الباطن لانهم اجابوا الحق فى بدو امرهم اذ قالوا بلى فيستدعى الله عنهم اتمام ميثاق الاول ويذكرهم عهد الاول من تعريف نفسه اليهم ليتاهبوا فى امر الظاهر اتمام حقيقة الاجابة بان يقولوا لبيك فالحج لاهل التمكين والعمرة لاهل التلوين واتمام الحج البلوغ الى رؤية الربوبية واتمام العمرة الوصول الى حقيقة المعبودية قوله { للَّهِ } اى اصبروا فى اتمامهما لله حتى تجدوا مامولكم فى الله { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } اى ان منعتم اوصاف البشرية عن الطيران فى هواء الحقيقة وحبستكم حجب الابتلاء فى اشجار الطبيعة فلا تميلوا عن حقيقة الطريقة والشروع فى طلب المشاهدة وابذلوا انفسكم هديا لله ليرشدكم لشفقته عليكم الى اوطان المشاهدات ويبلغكم حقيقة القربات وايضا فان حبستكم غيرة الحق عن الوصول اليه لسبب ما فتحللوا من قتل نفوسكم حيث اوقفكم واشتغلوا بالعبودية عن الربوبية لان فى غيرة الحق تارات تمنع اولياء الله عن السير فى قربة الحق وذلك بان القلوب اذا مرضت وسقمت عن الجهد في طلب الحقيقة وسكنت بحظوظ البشرية فاثابها الله بالاحصار فى وطنات الطبيعة.