الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَٱلآنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

{ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ } بترك مجاهدتها وتعليمها أسرار الادب والوقوف على مرادها واستماع كلامها على شرط التقبل منها والصبر على انطلاقها عن رق العبودية واقتحامها فى نيران الشهوة وقال ابن عطاء خيانة النفس الوقوف معها حيث ما وقعت { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي ٱلْمَسَاجِدِ } اى اذا عكفتم في مساجد القربة لطلب المشاهدة فلا تميلوا الى حظوظ البشرية وهذا من احسن الادب ورد من الله تعالى ادب به اولياءه في مجالستهم حضرته وايضا الاعتكاف وقوف الارواح على بساط الفردانية لاشتغالها عن الحدوثية بنعت فنائها فى انوار الازلية وقال الواسطى الاعتكاف حبس النفس وذم الجوارح ومراعات الوقت ثم اينما كنت وانت معتكف وقال بعضهم اهل الصفوة معتكفون باسرارهم عن الحى لا يؤثر عليهم من جريان الحوادث شئ لاستغراقهم في المشاهدة { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا } اى فلا تقربوا حدود الحقائق الا بشرط ادابها بنعت المعرفة وحسن حقيقة الادب وايضا رشح الحق احكام الربوبية حدودا في مقام العبودية ليحجز العباد بها عن هتك استار القربة لان فى بداية الحدود اسرار العبودية وفى نهايتها اسرار الربوبية منع الخلق بها عن الاطلاع على اسرارا الازلية لبقاء الاحكام والشرعية { كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } اظهر سر القدم بوصف الجبروت في النعوت والايات لعل عباده يبصرون بسط سطوات عظمته ويخافون من عقوبته ويتركون اوصاف البشرية فى ديوان الحقيقة.