الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } * { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } * { وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ } * { قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } * { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل للَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

{ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ } أوصاهم بقطع العلائق والعوائق والتعرض لنفخات الصفات والعذوبة في المناجاة والانقياد لمراد الحق والشفقة على الخلق ومقامة النفس ومراعاة النفس والمصادقة لله مع الاخوان فيه والانصاف معهم وترك معارضتهم احدا واخذ الانصاف منهم وقيل اوصاهم بالمحاربة الى الاستسلام الذي امر به فصح من ابراهيم التسيلم فلما ابتلى بذبح ابنه لم ينظر اليه لانه كان اسْلم وصح له التسليم فمضى فيه من غير نظر الى الولد حتى فدى ولما لم يصح ليعقوب من التسليم ما صحّ للخليل رجع الى حد الجزع حين فقد ابنه فقال يا اسفى على يوسف لكنى اعتذر ليعقوب صلوات الله عليه في هذه المسئلة وهو انه يرى في حسن يوسف جمال الحق وقد عشقه ومع ذاك في اوّل العشق وقد بقى في محل الالتباس والخليل صلوات الله عليه قد انفرد بحب الحق للحق وهذا نهاية مقام العشق لانه في محل التمكين وابنه يعقوب في محل التلوين فَلاَ جُلِ ذلك قال يا اسفى على يوسف قوله { صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً } صبغة الخاصية التي خلق آدم على تلك الصفة وذلك قوله تعالى وخلقت بيدى وقال صدر الصوفية ورئيس البرية صلى الله عليه وسلم خلق آدم على صورته وهذا صنع الظاهر التي البَسَها صورة آدم وامّا صبغ الباطن هو الذى كسا الله تعالى قلب آدم ولهذا سجدت الملائكة بين يديه وأورث الله تلك الصفتين اللتين خص بها آدم ارواح ذريته من الانبياء والاولياء وذلك اذ خلق الله تعالى الارواح فحشرها في سرادق حضرته وكشف لها عن وجهه حِجَاب العزّ واراها جماله وكماله والهمها خصائص علوم الربوبيّة ونوّرها بانوار الوصيلة وكساها لباسَ الفردانية وجلّلها برداء الكبرياء وسَقَاها من شراب الزلفة بكاس المنة وطابت بوجهه وطارت في ملكوته وعشقت بجمال جبروته فاكتسب سناء المحبّة واستَنارَتْ بنور المعرفة وخاضت في بحر الربوبية وخرجت منها على اسرار الوحدانية وتلونت بصبغ الصفات وانصبغت بصبغ نور الذات فهذه حقيقة صبغ الله تعالى الذى ذكر في كتابه ولذلك قال ولقد كرمنا ابنى آدم قوله { وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ } صرّفهم بمكر القدم في رؤية حيل الفعل مقرونة بالارادة عن مشاهدة الامر في الامر وانقيادهم بحظ التسليم عند كون الامتحان حتى تظهر اسباب علم القدم وما سبق من علمه في تماديهم بنعت الكفر في ميادين الصلال وقيل بين الخطاب على مقادير العقول الا ترى كيف بين علته في اخر الاية ما انت بتابع قبلتهم احكاما منه في صنعه وما جرى من ضبطه.