الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } * { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }

قوله تعالى { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } هذا القسم من وجوب حق صفة القدم اذ نعته قهر الجبروت فاورد الكل عليها لمباشرة ذلك القهر فيهم ليعرفوه بجميع معانى صفاته وذلك رحمة كافية اذ لم يعزلهم من رؤية جلال ازليته فى لباس قهره فكم كشف من الجبروت هناك وكم مشاهدة من عين الملكوت هناك وكم ظهور سر فى ورودهم هناك اين انت من قول سباح قاموس الكبرياء وعنقاء مغرب قاف البقاء وحيث قال وضع الجبار قدمه فى جهنم هل ترى هذا القدم الا كشف جلال القدم فاذا كان جمال قدمه مصحوبهم فلا بأس بالوقوف فى النيران فان هناك اصل الجنان
اذا انزلت سلمى بواد فماؤها   زلال وسلسال وشيحانها ورد
{ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } اذ كان وصفه فى الازل أنه عرف نفسه بجميع الصفات لكونهم عارفين فاذا تم ذلك الكشف وصولا بالحق مع الحق الى جواده ووصاله الازلى ولطفه الابدى ولقائه السرمدى الذى بغير امتحان وهذا معنى قوله { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } اتقوا من اليم القطيعة وعذاب الفرقة ومرارة المخالفة قال الواسطى ما أحد إلا وبورده النار ملاحظات افعاله ثم ينجى الله منها من اسقط عنه ذلك أو أزالها عنه بملازمة التوفيق وقال فى قوله { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً } بالرجاء يطلب المحتوم وبالخوف يدفع المقضى وقال الجنيد فى قوله { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } ما نجا من نجا الا بصدق اللجا قال الحريرى ما نجا من نجا الا بصدق التقى وقال ابن عطا ما نجا من نجا الا بتصحيح العهد والوفاء وقال هذا العارف الفارسى العياد الربانى الشطاح الملكوتى ما نجا من نجا الا بالاصطفائية الازلية والعناية الابدية والرسم والوسم والاسم عوارضات زائلة وامتحانات عاطلة قال جعفر الصادق لولا مقارنة النفوس لما دخل احد النار فلما قارنهم نفوسهم أوردهم النار بأجمعهم، فمن كان أشد اعراضا عن خبث النفس كان اسرع نجاة من النار الا ترى الله يقول { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ }.