الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً } * { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } * { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً }

قوله تعالى { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً } اى اذكر ما كشفت لادريس من اسرار الملكوت وانوار الجبروت وطيرانه في الجنان وشهوده مشاهدة الرحمن قال ابو بكر الطمسَّانى الصديق الذى لا يطلب طريق الصدق من غيره ويكون له ان يطالب غيره بحقيقة الصدق ثم وصفهم جميعاً بانهم منعمون عليهم بالمعجزات الرفيعة والكرامات الشريفة والقربات والمداناة بقوله { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } ثم وصفهم مع ما انعم عليهم بالخشوع والخضوع والبكاء والوجود في السجود بعد ما اعطاهم الاصطفائية والاجتبائية والمعرفة والاصابة والحكمة والمشاهدة والشوق والمحبة انظر الى ذكر هياجانهم وشوقهم الى لقائه ووجدهم بقربه وحركاتهم في اجلاله عند نزول الآيات عليهم بقوله { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } ما اطيب لك البكاء وما احلى ذلك السجود بكاؤهم من رؤية عظمته وسجودهم من كشف عزته وحركاتهم من شدة شوقهم الى معادن المشاهدات واسرار المداناة
الا يا صبا نجد متى هجت من نجد   لقد زادنى مسراك وجدا على وجد
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا   على ان قرب الدار خير من البعد
ثم ان الله سبحانه ذكر المخالفين عقب ذكر الانبياء والمرسلين وذمهم بروعاتهم عن سبل اهل السعادة واقتحامهم غايات اهل الضلالة بقوله { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَاتِ } لما استكبروا عن متابعة اهل الحق وادعوا بالدعاوى الباطلة سقطوا عن أعين القوم واحتجبوا بما رأوا من انفسهم من الترهات والطامات والمزخرفات والاباطيل من الخيالات والمحالات عن لطائف الطاعات ومقام المناجاة وحسن المراقبات ووقعوا فى ورطات الشهوات وصاروا أئمة الضلالات قال محمد بن حامد اولئك قوم حرموا تعظيم الانبياء والاولياء والصديقين فحجبهم الله من معرفته واصابتهم شقاوة تلك الحال فاضاعوا الصلاة التي هى محل وصلة العبد مع سيده ترسموا بها ولم يتحققوا فيها واتبعوا آراءهم واهواءهم فاصابهم الخذلان وحرموا بذلك السعادة واثر الشقاوة على العبيد هو حرمان الخدمة وتصغير من عظم الله حرمته.