الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } * { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } * { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً }

قوله تعالى { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً } اى اذكر ما بينى وبين كليمى من سماع الكلام ومشاهدة التجلىّ وشوقه ومحبته واخلاصه في عبوديته واخلاصه كان في البحر عند وقوع الامتحان قوله كلا ان معى ربى قال الترمذى المخلص على الحقيقة مثل موسى ذهب الى الخضر ليتادب به ولم يسامحه فى شئ فظهر له منه ومما كان يفعله حتى اوقفه على العذر فيه وهذا من تمام اخلاصه ثم اخبر سبحانه عما بينه وبين كليمه من الاسرار والمناجاة بقوله { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } ناداه بوسائط الطور والشجرة في البداية وقربه ناجيا من رؤية جلاله واسمعه كلامه الصرف بلا واسطة وكان التجلى ايضا في الابتداء بواسطة الشجرة والطور فلما قربه من بساط المجد والكبرياء ارى وجهه جل جلاله وروحه وقلبه وسره وجميع وجوده بنعت الشهود والمكاشفة النداء بداية والنجوى نهاية النداء مقام الشوق والنجوى مقام كشف السر وقال الجنيد فى قوله وقربناه نجيا جعلناه من العالمين بنا والمخبرين عنا بالصدق والحقيقة وقال رويم كشفنا عن عسره ما كان مغطى عليه من انواع القرب والزلف وَاَذِنّا له في الاخبار عنا وقال بعضهم ناديناه للمحادثة والمكالمة والمناجاة وقال الاستاذ للنجوى مزية على النداء فجمع له الوصفين النداء فى بدايته وقت السماع والنجوى فى نهايته فوقفه الحق وناداه ثم قربه وناجاه وفي جميع الحالتين تولاه ثم من كمال كرمه وهب لموسى اخاه هارون بقوله { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً } علم الحق سبحانه ان جميع الخلق لم يحتملوا ما فى صدر موسى من عظيم صفاته وذاته وملكه وملكوته فجعل لهارون موضع سر موسى حتى لا يكون ذائبا تحت اثقال تلك الاسرار وهذا رحمة من الله عليه.