الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَبَرّاً بِوَٰلِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً } * { وَٱلسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً }

قوله تعالى { وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً } ما دام اقر بالعبودية واخبر عن خاصيَّة النبوة كيف يكون جباراً مستنكفاً عن عبادته شقيا عن رجاء وصاله قال سهل اى جاهلا باحكامه ولا متكبرا عن عبادته وقال ابن عطا الجبار الذى لا ينصح والشقى الذى لا يقبل النصيحة وقوله { وَٱلسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً } اى عليَّ سلامه يوم دخلت في الدنيا حيث بلغت مقام الامتحان في العبودية بعد ان كنت فى مقام المشاهدة وهذا السلام دوام محل انبساط الحق عَلىّ بشرط العصمة والرعاية ويوم اموت سلام الامن والرضا ويوم ابعث حيا سلام الشرف واللقاء والفرق بين سلام الحق على يحيى وسلامه على عيسى ان سلام يحيى بلا واسطة وسلام عيسى بواسطة واصل الاشارة ان سلام يحيى سلام تخصيص الربوبية على العبودية وبيان الشرف والكرم عليه من الحق وسلام عيسى محل الانبساط ثم محل الاتصاف ثم محل الاتحاد فاذا كان وصفاً متحدا من حيث المعرفة والتوحيد والمحبة والشوق صار لسانه لسان الحق من حيث عين الجمع فسلامه على نفسه سلام الحق عليه على مزية ظهور الربوبية في معدن العبودية وارفع المقامين سلام الحق على سيد المرسلين كفاحا في وصاله وكشف جماله ولو سلم عليه بلسانه كان السلم مقصدا اذ جرى بلسان الحدث عليه ولا يبلغ ذلك السلام الى كمال رتبته لكن سلم عليه باوصاف قدمه حتى شمل على شرفه كله.