الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً }

قوله تعالى { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً } يعرف كل صنف من اهل المقامات والولايات وكل من له دعوى من بساط عزته بما هم فيه فى ايام البلاء فى دار العناء فيشهد كل شاهد مشهده فمن شاهد يشهد مشاهد المنة ومن شاهد يشهد مشاهد الوصلة ومن شاهد يشهد مشاهد الصفات ومن شاهد يشهد مشاهد الذات فمن كان مشربه المحبة فيكون فى بحر الجمال ومن كان مشربه الهيبة فهو فى بحر الجلال ومن كان مشربه المعرفة فهو فى بحر الصفات ومن كان مشربه التوحيد فهو فى بحر الذات ومن كان مشربه الجولان فى الافعال فموضعه مقام الجوار فى الجنان ومن كان محجوبا فى الدنيا عن هذه الاحوال فموضعه النيران قال الاستاد يقيم كل واحد يوم العرض فى شاهد مخصوص ويلبس كلا بما هو اهله فمن لباس تقوى ومن قميص هدى ومن صدار وجد ومن صدرة محبة ومن لبسة شوق ومن حلة وصلة ويقال يجردهم عن كل صفة الا ما عليه فطرهم يوم القيامة فينادى المنادى على احادهم هذا الذى اطاع واتقى وهذا الذى عصى وطغى وهذا الذى اتى ووجد وهذا الذى ابى وجحد وهذا الذى عرف فاقر وهذا الذى خالف فاصر وهذا الذى انعمنا عليه فشكر وهذا الذى احسنا اليه فكفر وهذا الذى سقيناه شرابنا ورزقناه محابنا وشوقناه الى لقائنا ولقيناه خصائص ارعائنا وهذا الذى وسمناه بحجتنا وحرمناه وجوه قربتنا والبسناه نطاق فراقنا ومنعناه توفيق وفاقنا وهذا وهذا
واخجلتا من وقوفى وسط دراهم   اذ قال لى معرضا من انت يا رجل
ومعنى قوله سبحانه { لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } شاهدوا الحق على وصف فطرة الاوليّة حيث لا اعمال ولا احوال ولا نطق ولا اقوال محتاجين الى عين منه ينظرون بها اليه والى سمع منه يسمعون بها منه والى قلب يعقلون به عنه والى روح يعيشون به وهم هناك على حد الفناء عن اوصاف الخليقة مغلوبين باسرار قهر الازل دهشين بين يدى جبروته كانهم يخرجون من العدم عاجزين فى انوار القدم يسألون عنهم: على اى شئ كنتم وعلى اى موقف وقفتم من معرفة الجلال ومحبة الجمال فيهيجهم فضله العميم وكرمه القديم الى نطق بالجواب فيقولون نحن ما كنا فى مهاد الولاية شاربين البان الزلفة من ثدى القربة ساكنين عن غبار الوحشة والان جئناك على لباس العبودية ملامين فى دار المحبة
قالت سكينة من هذا فقلت لها   انا الذى انت من اعدائه زعموا