الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً }

قوله تعالى { وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } ان الله سبحانه علم من كتمان نبيه صلى الله عليه وسلم سر اسرار الازل وما له من عند الله من علومه الغريبة وانبائه العجيبة من العلوم المجهولة ولطائف الحقيقة واحكام صفاته المتشابهة من شفقته على امته وعلم بضعف حملهم اثقال تلك الحقائق فامره الحق ان لا يكتم تلك الاسرار التى اعلام فضائله وفضائل خواص اهل الولاية واسرار الربوبية فى قلوبهم ويفشيها ولا يخاف من ايمان الخلق بها وانكارهم عليها فان العاشق الصادق لا يبالى بهتك الاسرار عند الاغيار ولا يخاف لومة لائم ولا يكون فى قيد ايمان الخلق وانكارهم فان لذة عشقه فى هتك الاسرار اصفى والحلاوة عيشه فى ذلك اشفى الا ترى الى قول القائل
الا اسقنى خمرا وقل لى هى الخمر   ولا تسقنى سرا اذا امكن الجهر
وبح باسم من اهوى ودعنى من الكنى   فلا جبر فى اللذات من دونها ستر
كأنه تعالى حث نبيه عليه الصلاة والسّلام على التحديث بنعمه بقولهوَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } واشارة الظاهر اى بين طريق الرشد عن الغى لمن تابع الرشد فلا يتبعه الا بتوفيق الازل ومن ضل فى الغى فلا يضل الا بسابق قدر الحق قال ابن عطا اظهر الحق للخلق سبيل الحق وطرق الحقيقة فمن سالك فيه بالتوفيق ومعرض عنه بالخذلان وهذا قوله { وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } فمن شاء الحق له الهداية هداه بطريق الايمان ومن شاء الله له الاضلال سلك به مسلك الكفر وهو الضلال البعيد.