الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً } * { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً }

قوله تعالى { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً } ان الله سبحانه اعلم نبيه وادب حبيبه فى منازل العبودية ومشاهد الربوبية بمحو الوجود عند وجود القديم الازلى وان يرى الكل قائما بالله فى مقام التوحيد مع الكل فى غير الجمع بائنا عن الكل فى افراد القدم عن الحدوث وهو محض التجريد والتفريد وقطع حدود علوم الخليقة عما فى المشية الازلية فاعلم معنيين اثبات الكسب وسبق التقدير وابهم اسرار المشية على الكل فى بيان الاستثناء بقوله { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } قال بعضهم لم يطلق لرسوله صلى الله عليه وسلم ان يخبر عن الحق الا بما اخبره الحق ولم ياذن له فى الاخبار عن نفسه الا عن مشية ربه فقال { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ } الخ ثم بين سبحانه ان من شاهد نفسه فى مشاهدة الحق حيث طوى عليه احكام رسوم الاكتساب من جهة الامر ولم يسقط شهود نفسه وكسبه فقد نسى الحق بقوله { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } فان قوله { وَٱذْكُر رَّبَّكَ } عقيب قوله { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ } يدل على ذلك اى اذا شاهدت نفسك فقد غبت مشاهدة ربك فاذكره اى شاهده مشاهدة تغيب فى مشاهدة عن مشاهدتك نفسك وايضا واذكر ربّك اذا كنت متصفا متحدا بربك حين يغلب عليك سر الانانية فاذا ذكرت ربك فى مقام الانانية خرجت من حد الخداع والتلبيس الصادرين من مكر القدم واذا ذكر قدمه بان عدمه واذا بان عدمه تلاشى الحدث فى القدم ولم يبق الا القدم ويتبين امر العبودية عند الربوبية وايضا واذكر ربّك اذا غبت فى مشاهدات المذكور حتى يتخلص من غمار الفناء فى الوحدانية ويبقى ببقاء الحق ورؤية الابدية فانّك ان لم تذكر ربك ولم يرجع من رؤية مذكورك الى ذكره تفنى فيه ولا تدرك حقائق وجوده فان السكران الفانى لا يظفر بما يظفر الصاحى المتمكن وايضا فاذكر ربّك اذا نسيت حظك من مشاهدته وغيب عن شهوده عليك حتى فصل بالذكر الى رؤية المذكور وايضا واذكر ربك اذا نسيت ذكرك له فان رؤية الذكر فى رؤية المذكور نسيان المذكور بالحقيقة وايضا فاذكر ربك اذا نسيت الكون والحدوثية فان ذكره لا يكون ذكرا حقيقيا الا بنعت فناء ما دونه فاذا فنى الحدث فى القدم صار الذكر صافيا وايضا واذكر ربك اذا نسيت ما وجدت منه فان الوقوف فى المقامات حجاب ذكر الحقيقة وايضا واذكر ربك اذا نسيت نفسك فان فى رؤيتك وجودك وبقاء وجودك لا يكون الذكر بحقيقة الانفراد ورسم افراد القدم على حدوث ثم امره سبحانه ان يخاطب اهل السر من المعرفة بترجية وصول ادنى الدنو واعلى العلو بقوله { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } كان عليه السّلام اقرب الخلق من الله بنفس المعرفة والاصطفائية الازلية لكن كان مع محله وشرفه فى حيّز حقائق المعرفة قطرة فى بحر الازلية فامره الحق ان يسأل منه مزيد ما فيه من طرق حقائق عرفان الازلية واقرب ما يكون فيه من وصول الوصول فان الحق غير متناه من جميع الوجوه قال ابن عطا اذا نسيت نفسك والخلق فاذكرنى فان الاذكار لا تمازج ذكرى قال الجنيد حقيقة الذكر فناء الذاكر فيه والذكر فى مشاهدة المذكور قال الشبلى ما هذا خطاب اهل الحقيقة وانى ينسى المحق الحق فيذكره بل يذكر حياته وكونه وانشد

السابقالتالي
2