الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً } * { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً } * { وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً }

قال سبحانه { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ } الاشارة فى الحقائق انه اخفاهم فى كهف الاسرار واجلسهم فى متسع الانوار واشهدهم مشاهدات الجمال وآواهم سناء الجمال ووقاهم من سطوات انوار شمس العزة والعظمة والكبرياء التى تطلع من مشرق القدم وتغرب فى مغرب الابد لئلا يحترقوا فى انوار عين الالوهية ويفنوا فى سلطان اشراق سبحات الكبرياء ولا يطلعوا على ذخائر غيوب البقاء كأنه تعالى رباهم فى مشاهدته بنور جماله وحفظهم عن قهر كنه قدمه لئلا يتلاشوا فى عزة جلاله ويبقوا معه بنعت الصحو والبقاء ولولا ذلك الفضل العميم لو لم يبقوا فى استعلان انوار وحدانيته باقل من لمحة رعاهم بنفسه عن نفسه لادراك العلم بنفسه هم فى فجوة الوصال وشمس الكبرياء تزاور عن كهف قربهم ذات اليمين الازل وذات الشمال الابد وهم فى فجوة وصال مشاهدة الجمال والجلال محروسون محفوظون عن قهر سلطان صرف ذات الازلية التى يتلاشى الاكوان فى اول بوادى اشراقها واى آية اعظم من هذه الاية انهم فى وسط نيران الكبرياء ولا يحترقون بها فبقوا بالحق مع الحق مستانسين بالحق للحق بنعت فقد الاحساس فى مقام الاستئناس غائبين عنهم شاهدين بالله على الله انظر كيف كان كمال غيرة الله بهم حيث حجبهم عنهم ورفع الاحساس عنهم ودفع حوادث الكون عنهم ليكون الكشف اصفى والقرب اجلى والسر اخفى والمشاهدة اشهى والروح ادنى والوقت احلى ولا يعرف هذه الاشارة الا العارف بالله بنعت الذوق ويرى الله بوصف الشوق المستقيم بالله لله قال الله تعالى { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ } من عرف نفسه واقدار اوليائه فهو عارف بالله وباوليائه ومن لم يكن من اهل سلوكه كان فى الازل محروما عن قربه وان خنق نفسه فى المجاهدة قال تعالى { وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً }
من لم يكن للوصال اهلا   فكل احسانه ذنوب
سبحان الله اين غابوا تلك السبعة العارفة فى اماكن الغيب ومشاهدة الرب هام طلاَّبهم فى بوادى المعارف والكواشف ولم يظفروا برؤيتهم وانحسرت الازمان والاكوان والحدثان عن تفقدهم ولا تطلع عليهم من غيرة الحق عليهم هم ملوك معارف القدم غابوا فى مهمه الكرم
باى نواحى الارض ابغى وصالكم   وانتم ملوك ما لمقصدكم نحو
قال ابن عطا فى قوله { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت } ذلك لمعنى النور الذى كان عليهم بقوله وزدناهم هدى نور على نور وبرهان على برهان والشمس نور ولكن اذا غلب نور اقوى منها انكسفت الشمس فكانت تزيغ عن كهفهم لغلبة نورهم خوفا ان ينكسف نورها من غلبة نورهم وقال جعفر يمين المرء قلبه وشماله نفسه والرعاية تدور عليهما ولولا ذلك لهلك وقال ابن عطا فى قوله { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ } ما حدب عن الله احد الا من اراد ان يصل اليه بحركاته وسعيه وما وصل اليه احد إلا من اراد ان يصل اليه بصفته تعالى وقال الواسطى فى قوله { وَمَن يُضْلِلْ } من جاء باوائل الايمان بلا علة وأواخره بلا علة وهذا صفة الحق لا صفة الخلق وظهر ان المهتدى هو البائن من جميع اوصافه المتصف بصفات الحق ثم زاد فى وصفهم لحبيبه عليه السلام بانهم غائبون بارواحهم فى انوار القدم وباسرارهم فى بحار الكرم وبعقولهم فى اودية الهوية وبقلوبهم فى قفار الديمومية وبانفسهم فى اشراف سلطنة الربوبية وباشباحهم فى اماكن الموانسة بقوله { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ } اى من كمال حسنهم فى الغيبة انه نشر انوار القربة على ظاهرهم وازال عنهم وحشة النومى واظهر عن صورتهم لطائف النعمى كأن ارواحهم كاجسادهم واجسادهم كارواحهم لذلك قال عليه السّلام

السابقالتالي
2 3 4 5