الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } * { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً }

قوله تعالى { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ } ليس شئ اطيب عند الحبيب من ذكر احبّائه لاحبائه ذكر الحبيب الاوّل ما اطيب عند الحبيب استطاب الحق ذكر قصّة فتيان محبته ومعرفته لحبيبه الاكبر ليعرف منازل المحبين والعارفين الذين هاموا بوجوههم فى بيداء شوقه وعشقه ليزيد رغبته فى شوقه ومعرفته اى انا احقق خبر اسرارهم لك لتعرفهم اين تاهوا فى مفاوز القيوميّة واين استغرقوا فى بحار الديمومية يا حبيبى اعلم أن تلك فتيان محبتى انفردوا بى عن غيرى وهم شبان حسان الوجوه قلوبهم مسفرة بانوار شمس جلالى فيها واسرارهم مقدسة بسر اسرار قدسى وابدانهم غائبة فى مجالس انسى آمنوا بربهم عرفونى بى واستانسوا بى واستوحشوا من غيرى ما اطيب حالهم معى وما احسن شانهم فى محبتى زدناهم نورا عن جمالى فاهتدوا به طرق معان ذاتى وصفاتى وذاك النور لهم على مزيد الوضوح الى الابد لان نورى لا نهاية له وايضا زدناهم مشاهدة وقربا ووصالا ومعرفة وكمالا ومحبة وشفاء انهم فتية اصحاب الفتوة حيث بذلوا انفسهم لى ولوجدانهم وحسن وصالى ابدا يا حبيبى الفتوة من الفتيان بالحقيقة طلب معادن المحبة والانصراف الى مصرف المعرفة والقاء الوجود بنعت الوجد للموجود القديم جل وعز قال ابن عطا زدناهم نورا ومن يعرف قدر زيادة الله لذلك كانت الشمس تزاور عن كهفهم خوفا من نورهم على نورها ان يطمسه وقال ايضا فى قوله { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ } لتنظر اليهم بعين المشاهدة وقال سهل سماهم الله فتية لانهم آمنوا بالله بلا واسطة وقاموا الى الله باسقاط العلائق وقال فضيل الفتوة الصفح عن عثرات الاخوان قال ابو عثمان الفتوة اتباع الشرع والاهتداء بالسنن وسعة الصدر وحسن الخلق قال الله { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ } الآية قال الجنيد فى قوله { وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } جعلناهم ائمة المهتدين وقال بعضهم سهلنا لهم طريق القربة والوصلة ويقال لا يسمع قصة الاحباب اعلى واجل مما يسمع من الاحباب قال عز من قائل نحن { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ } وانشد فى معناه
وحدثتنى يا سعد عنها فزدتنى   جنونا فزدنى من حديثك يا سعد
ويقال فتية لانهم قاموا بالله وما استقروا حتى وصلوا الى الله وقال الاستاذ زدناهم هدى لاطفهم باحضارهم ثم كاشفهم بما زاد من انوارهم فلقاهم اولا بالنبيين ثم رقام عن ذلك الى ما كان كاليقين ثم زاد فى وصف ايقانهم وايمانهم وعرفانهم وثبات قلوبهم حين قاموا مقام المحبة بشرط وفاء العبودية ونفاذ ابصارهم واسرارهم فى المشاهدة والبراهين العقلية وبلوغها الى رؤية رب العزة بقوله { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ } اضاف ارتباط قلوبهم الى نفسه حيث عرّفهم نفسه بنفسه بلا واسطة فلما ادخلهم فى عالم الملكوت واراهم سبحانه عظمة الجبروت لكادت قلوبهم تفنى فى اول بوادى انوار العزة وبديهة كشف سناء الاولية فالقى عليها رواسى انوار الهيبة وربطها على مشاهد القربة بمسامير المحبة حتى استقاموا فى المعرفة حين قاموا بالشوق الى مشاهدة الوصلة فلما عظم عليهم قهر لطمات بحر القدم ألجأهم الحق الى سواحل الكرم واشهدهم مشاهد ما اخرج من العدم حتى { فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ولولا خوف الزوال لهم ما غابوا عن القدم الى مراسم العدم ولكن قلوبهم فى مواقف العدم مرتبة وان كانوا فى مشاهدة الرسوم لهم اشارة الى براهين بقوله { لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً } اى لن نرى من دونه شيئا فى البين ولو نرى الوسائط فى رؤية الوسائط { لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } اى ميلا عن طريق افراد القدم عن الحدوث قال ابن عطا رسمنا اسرارهم بسمة الحق فقاموا بالحق للحق فقالوا ربنا اظهار ارادة ودعوة ثم قالوا رب السماوات والارض رجوعا من صفاتهم بالكلية الى صفاته وحقيقة علمه لن ندعو من دونه إلها لن نعتمد سواه فى شئ لو قلنا غير ذلك كان شططا يعنى بعيدا من طريق الحق وقال جعفر قاموا الى الحق بالحق قيام ادب ونادوه نداء صدق واظهروا له صحة الفقر ولجأوا اليه احسن اللجأ وقالوا ربنا رب السماوات والارض افتخارا به وتعظيما له فكافأهم الحق على قيامهم الاجابة عن ندائهم باحسن جواب والطف خطاب اظهر عليهم من الآيات ما يعجب منه الرسل حين قال

السابقالتالي
2