الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }

قوله تعالى { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ } ان الله سبحانه زين حبيبه بانوار الربوبية وجعله متصفا بصفاته متخلقا بخلقه وكان مرآة الحق فى العالم يتجلى منه للعالمين فمن كان له عين من عيون الله مكحولة بسنا ذاته ينظر بها اليه ويرى بالحق فيه جمال الحق فكاد من عليه شوقه الى جماله ان لا يبرح لحظة من عنده ولا يتفرغ الى صورة العبادة فاخبر الله سبحانه بلسانه بانه مخلوق وان كان متخلقا بخلقه بقوله { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } امره بان يعرفهم افراد القدم عن الحدوث بعد كونهم فى رؤية عين الجمع فلا يرضى عنهم برؤية عين الجمع بل يرضى عنهم برؤية جمع الجمع لذلك قال { أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } اى من نظر الى غيره وان كان متلبسا بنوره ملبسا بسنائه فقد اشرك فى التوحيد لذلك قال عليه السّلام " لا تطرونى كما اطرت النصارى المسيح " وزاد التاكيد فى تقديس الاسرار عن ملاحظة الاغيار فى مشاهدة الملك الغفار { فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً } اى من كان من اهل مشاهدة الله ورجاء وصوله واليقين فى لحوقه الى قربه فليكن اعماله فى السر والعلانية مقدسة عن نظر نفسه ورؤية اعواضها فى قلبه والتفات عقله الى غير الله فالفرد لا يبغى الا للفرد والفرد يكون بالفرد فردا فمن افرده الحق يكون منفردا عن غيره لا بغير شئ من الحدثان قال الانطاكى من خاف المقام بين يدى الله عز وجل فليعمل عملا يصلح للعرض عليه والله عجبت من اقوال مشايخى رحمة الله عليهم فى العمل الصالح واين العمل الصالح والعمل الصالح ما يصلح للقدم واين الحدث من القدم حتى يصلح له قال يحيى بن معاذ العمل الصالح ما يصلح ان تلقى الله به ولا تستحيى منه فى ذلك قال سهل العمل الصالح المقيد بالسنة ثم ان الله سبحانه بين ان ما يكون من الاعمال الصالحه خاصة لوجهه يصير خالصا عن اشارة الاغيار وان يخطر بقلب العامل ذكر الاشياء الحدثانية فى مباشرة العمل واى شرك اعظم من ان يرى لنفسه قيمة عند مباشرة العمل فينبغى ان يتفرد بقلبه وسره وخاطره عن ان يكون له نظر الى وجوده بل يكون فانيا بحقيقة الفناء فى بقاء الحق قال الانطاكى لا يرائى بطاعته احدا قال جعفر لا يرى فى وقت وقوفه بين يدى ربه غيره ولا يكون فى همه وهمته غيره وعجبت من سر التوحيد لان الله سبحانه خاطب الخلق من حيث الخليقة لا من حيث الحقيقة واين الحدث وشركه فى وجود القدم حتى قال { وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً } الاحدية صفة الموحد القديم وعبادة اسم الاحد عرف الاسماء والصفات خارجة عن العرف فاذا كان اسم العدد فى الوحدانية معزولا فاين اسم وحدة الحدثان فى وحدة الحق قال الله سبحانهقُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ }