الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } * { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } * { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } * { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } * { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }

قوله تعالى { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلْلَّيْلِ } اذا دلكت الشمس من قهر الجبارية فسجد فى دلوكها لانوار عظمة الجبار فى تلك الساعة فامره بسجوده والقيام بين يديه موافقة للشمس فى سجودها لخالقها عند كشف عظمته فان تلك الوقت وقت خاصة لكشف العظمة وهكذا فى وقت العصر فكأنها فى وقت دلوكها فى الركوع وفى وقت العصر فى السجود الى وقت غروبها فاذا غربت وجاءت غسق الليل ثم هناك غلبة سطوات العظمة فيسجد له الليل وتدور النجوم فى سجودها الى وقت الفجر فاذا طلع الفجر سجد له عمود الصبح الذى لم يكن من الليل والنهار وفى ذلك الوقت طلوع صبح الجمال والجلال وهناك يسجدون له الارواح والاجسام لغلبة روح قدسه وانسه عليها وهناك شهود الحق بوصف صفاته الا ترى كيف قال { وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } الشاهد ذاته والمشهود صفاته وهذه الاوقات يدل على الاخبار بحفظ الاوقات على السرمدية وحضور القلب فى مشاهد الغيوب قال بعضهم القيام فى بعض الاسحار مشهودة من صاحبه وشاهدة عليه وقال الاستاذ الصلاة بالبدن موقتة والمواصلات بالسر والقلب مسرمدة فاذا فرغ من حفظ اوقات الليل والنهار على حبيبه بيديه المكاشفات الصفاتية حفظ ايضا وقت كشوف جلال ذاته بقوله { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } المقصود من تهجد الليل كشف جمال ذاته للمصلين فى جوف الليل وذلك المقام المحمود وعسى ههنا مقام الرجاء ينكشف انوار جلال ذاته لقلوب العارفين العاشقين فى اجواف الليل التى هناك تسكب عبراتهم وتصعق زفراتهم يرونه به لا بتمجدهم هيجهم الى مقامات الانس لكشف القدس فاذا بعثوا هنالك ينسون انفسهم ويتضرعون بين يديه فيبكون عليه ويسألون منه رحمته الكافية الكافة قال عليه السّلام " ان الله سبحانه يضحك فى وجوه المصلين فى جوف الليل " قال الاستاذ المقام المحمود هو المجالسة فى حال الشهود ويقال هو الشفاعة لاهل الكبائر ثم علمه دعاء الوسيلة منه اليه بقوله { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ } اى ادخلنى فى بحر قدمك بنعت الفناء والتجريد عن غيرك وصدق المحبة لان هناك مدخل الصدق حيث لا يبقى منى شئ غيرك واخرجنى من بحر الفناء بنعت البقاء حتى اكون باقيا معك فى مشاهدتك فان هناك مخرج صدق حيث لا يبقى معى غيرك وألبسني من انوار سلطان عزتك قميص الاستقامة حتى لا اكون فانيا فيك وهذا معنى قوله { وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } وايضا ادخلنى مدخل صدق العبودية واخرجنى مخرج صدق الربوبية واجعل لى من لدنك قوة الاتصاف والاتحاد من سلطان كبريائك قال سهل ادخلنى فى تبليغ الرسالة مدخل صدق ان لا يكون لى ميل الى احد ولا اقصّر فى حدود التبليغ وشروطه واخرجنى من ذلك على السّلامة وطلب رضاك منه والموافقة واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا زينى بزينة جبروتك ليكون الغالب على سلطان الحق لا سلطان الهوى قال جعفر بن محمد عليهما السّلام ادخلنى فيها على حد الرضا واخرجنى عنها وانت عنى راض وقال ايضا طلب التولية ان يكون هو المتولى اى ادخلنى ميدان معرفتك واخرجنى من مشاهدة المعرفة الى مشاهدة الذات وقال الواسطى قال المُعلّى فى شرفه يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم ادخلنى مدخل صدق واخرجنى مخرج صدق فاظهر محمد صلى الله عليه وسلم من نفسه صدق اللجأ بصدق الفاقة بين يديه وبصدق اللجأ تزينت الاسرار وقال فارس السلطان هٰهنا سلطانا على نفسه بقمع هواه فيزم جميعها بشاهد الهيبة فيهلك نفسه بسلطان الوحدانية وينصر على عدوه بحسن نظر الله له فى معاونته وحمله على رؤية هوله وقال سهل لسانا ينطق عنك ولا ينطق عن غيرك فاجاب الله دعوته وقال

السابقالتالي
2