الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً }

قوله تعالى { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } علمه سبحانه كان ازليا قبل وجود المعلومات خارجا عن جميع العلات اختار فى علمه بعلمه وإرادته جواهر ارواح المقربين والعارفين من بين البرية بشرف قبول معرفته واستعداد حمل امانته وجعلها فى اماكن غيبه طائرة فى مزار قدمه واراها منازل العبودية والامتحان من فيض قهره ولطفه فحبسها بعضا فى مقام المشاهدة وحبسها بعضا فى مواقف الوصلة وحبسها بعضا فى منازل الدنو والقربة وهو كان عالما بشوق الشائقين اليه وداء المحبين لديه واستئناس المستانسين به واستغراق العارفين فى بحار عظمته وحيرة الموحدين فى ميادين ازليته فيرحم بعضهم برؤية حسن الجمال حتى بقوا معه بنعت عيش السرمدية ويعذب بعضهم بان يفنيهم فيه من تسلط سطوات العظمة عليهم حتى لا يدركوا فى محل الفناء فيض البقاء وذلك من غيرته على نفسه فرحمته على العارفين كشف ووصال بلا حجاب وعذابه عليهم غلبة النكرة على قلوبهم وهذا دأبه مع اهل ولايته ابدا وحديث سبق العناية حيث اختار اهل وداده بمعرفته خلصهم من عذاب فرقته واذا اراد طرد الغافلين شغلهم بغيره عن الاقبال عليه ورؤيته ورحمته قال القاسم سبق علمه فى الخلق بالرحمة والعذاب ولا مبدل لما اراد وقد وسم الخلق بسمة الرحمة والعذاب وهو يرجع الى منتهاه بما قد جرى له فى مبتدإه وقال الاستاذ سد على كل احد طريق معرفته بنفسه ليعلق كل قلبه بربه فجعل العواقب على اربابها مشتبهة فقال { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } قدم حديث الرحمة على حديث العذاب فقال { إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } وفى ذلك ترجيح للامل ان يقوى وتصديق ما ذكرنا فى حقيقة الآية وتفضيل مقاماتهم بعضا على بعض. قوله سبحانه { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } بين سبحانه انه اعلم بما اعطى ملائكته فى السّماوات من مقام الخوف والعبودية واختاره لهم شرف القربة وفضل بعضهم على بعض فى الذكر والتسبيح والعبادة والخوف والخشية وهو اعلم بما هو اعطى من فى الارض من الشريعة والطريقة والحقيقة وفضل بعضهم على بعض فى الذكر والتسبيح والعبادة والخوف والخشية وهو اعلم بما هو اعطى من فى الارض من الشريعة والطريقة والحقيقة وفضل بعضهم على بعض فى مراسم السلوك واعطى الشريعة للعموم والطريقة للخصوص والحقيقة لخصوص الخصوص فلما تم نظام الولاية رقى الامر الى درجات النبوة فاعطى المرسلين خبر غيب الغيب واعطى النبيين خبر الغيب وكشف جميع مراتب القربة وادارهم فى ملكوته بالهمم وسيّرهم فى ميادين جبروته بالارواح والاسرار وفضل بعضهم على بعض فى الدنو ودنو الدنو والتجلى والتدلى والكلام والخطاب والمعارف والكواشف فبعضهم اهل رؤية القدم وخبره وبعضهم اهل رؤية البقاء وخبره وبعضهم اهل رؤية الصفات وعلمها وبعضهم اهل رؤية الذات ومعرفته فهؤلاء اهل الاول والآخر والظاهر والباطن وقال تعالى

السابقالتالي
2