الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } * { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً }

قوله تعالى { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } معنى الاية اذا قرات القران جعلنا بين فهم الكتاب وشرفك المذكور فى القران مع معانى حقائقه وبين قلوبهم وعقولهم وارواحهم حجابا من غيرتنا حتى لا يروا بابصار اسرارهم عرائس الصفات ولا يسمعون بآذان قلوبهم لطائف حكم الخطاب واذا كان عليه السّلام قرأ القران صار منورا بنور الصفات موشحا بتجليها مزينا بحقائقها من حيث كان شربه من سواقى الصفات وحظه من مشاهدات الذات واذا بلغ الى ذلك المقامات فى قراءته وتلاوته وحسن صورته غار الحق عليه ان ينظر الى وجه احد غيره ولو راه احد بهذا الوصف طاش عقله وطار روحه من هيبة الله يدل عليه قوله تعالى { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ آذَانِهِمْ وَقْراً } واذا استترت باستار كلامنا صرت مستورا عن اعين المبطلين ومحصونا عن تناول المبغضين والمنكرين وربّ صادق فر من العدو الى ستر القران فكان مستورا من جميع الضرر مثل انه يقول بسم الله فيكون مستورا عن اعين الخلق وهذا وصف الاخفياء الاتقياء قال بعضهم من تحصن بالحصن فهو فى احصن حصن ومن تحصن بكتابه هو فى احسن حصن والمضيع لوقته من تحصن بعمله او بنفسه او بجنسه فيكون هلاكه من موضع امنه وكان ابو يزيد اذا قرأ هذه الآية قال لاصحابه تدرون ما ذلك الحجاب؟ هو حجاب الغيرة قال النبى صلى الله عليه وسلم " لا احد أغير من الله " وتصديق ما ذكرنا فى حقيقة الآيتين قوله سبحانه { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } اذا ذكر الحق بصفات الحق بنعت الوحدة وافراد قدمه عن الكون بحيث انفرد الحبيب بفردانية الحبيب وتوحد بوحدانيته واتصف بصفته وشاهد افراد ذاته صار وجوده وحدانيا ربانيا الوهيا جبروتيا ملكوتيا يزول كل ما قورن به من الحدثان ويفارق منه كل شيطان وسلطان.