الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً }

قوله تعالى { إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً } عبدا من حيث العبودية ومحبا من حيث المعرفة وعاشقا من حيث الحرية ومنفردا بالانس من حيث الغيرة الا ترى كيف قال لا تذر على الارض من الكافرين ديارا شكورا من حيث ان يرى المنعم بالمنعم لا بالنعمة بنعت العجز عن أداء حق نعمة جلاله وكشف جماله كانه تعالى علَّم نبيّه عليه السّلام مقام معرفة ابيه نوح عليه السّلام كيف كان معرفته بالله حيث احتمل برءه به وشكر فى موضع الصبر كانه علمه الشكر فى مقام البلاء لان العارف لا يتم حتى يعرف الحق فى رؤية البلاء ورؤية النعمة فياخذ من مقام البلاء الصبر المقرون بالرضا ومن مقام النعمة الشكر المقرون بالصفاء والوفاء والسخاء والتقى واذا كان متحليا بهاتين الحليتين صار مزينا بجميع زينة العبودية لذلك قال عبداً شكورا قال الجنيد فى قوله { إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً } العبودية هو ترك هذين الشيئين السكون الى اللذة والاعتماد على الحركة فاذا افقد عنك هذان فقد اديت حق العبودية يستعظم قليل فضلنا عنده ويستصغر كثير خدمته لنا ليس له الى لمعة التفات ولا يشغله تواتر النعم عليه عن المنعم بحال وقال ايضا قائلا بالحق ناطقا به قابلا له مقبلا عليه.