الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً }

قوله تعالى { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ } الاشارة فى الحقيقة انه تعالى ادّب حبيبه فى القبض والبسط والمنع والعطاء ان القبض والبسط ان يكونا على وفاق الامر فى الخاطر لا على صورة الرسوم من حيث الظاهر فربما يقبض من رسم وهو غير مامور به وربما يبسط وهو غير مامور به فالعارف الصادق خازن الله فى ارضه يقبض ويبسط بالامر وفيه اشارة ان العارف الصادق احق ما حضر من غيره اذا كان محتاجا لانه فى سفر الازل والابد ولو اعيى مركبه للبث بلمحة عن سير الف عام وغيره ليس يساويه فى مقام العبودية والمجاهدة فهو اولى وهذا كلام ليس من قبيل السخاء والبخل وليس من سجيّة الانبياء والصديقين النجل انما مذهبهم الايثار والبذل وما اشرنا اليه حقيقة حكمة المعرفة الا ترى الى قوله سبحانه كيف ادب حبيبه { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً } نفسك بالندم محسورا منقطعا عن المسير فى عالمك وفيه اشارة اخرى اى لا تجعل يدك مغلولة الى عنقك بان لا تنشر عند المسالكين فضائل المعرفة وحقائق القربة ولا تبسطها بان تذكر شيئا لا يحتملونه فيهلكون قال ابو سعيد القرشى اراد الله عز وجل من نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الآية ان لا يكون قائما بشرف البسط والسخاء ولا قائما بنقض المنع والامساك وان يكون قائما به فى جميع الاحوال قال بعضهم لا تبخل بما ليس لك ولا تمن بالعطا فان الملك لنا على الحقيقة وانت القاسم تقسم فيهم حقوقهم قال النبى صلى الله عليه وسلم " الله يعطى وانا قاسم ".