الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً } * { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً }

قوله تعالى { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ } بما فى نفوسكم من اجلال الله وتعظيم كبريائه وشهود النعمة على بساط قربه ورؤية العقل مشاهد انوار آياته ومشاهدة الروح ضياء صبح صفاته وسكون السر بنعت الانس الى عظيم سبحات ذاته ونية بذل الوجود لرضاه والصبر والتمكين فى قضائه ان يكونوا صالحين مصلحين للخطرات النفسانية بالانفاس الروحانيّة وتقديس الخليقة بقدس المعرفة والفرار منه اليه بنعت الفناء فيه وذلك قوله { فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ } راجعين منه اليه بنعت الخجل بين يديه وطلب مزيد القربة منه فانه غفور لمن اتى اليه بنعت التضرع والبكاء والخشوع والتواضع فى جلال قدره وعظيم كبريائه وفيه نكتة انه سبحانه ذكر النفوس لا القلوب ولا الارواح ولا الاسرار ولا العقول اى هو اعلم بما فى نفوسكم من شرتها وسجيتها المائلة الى الاستكبار والانكار والفرار من الطاعة وهواها الى المعصية لذلك قال ان تكونوا صالحين مائلين عن متابعتها راجعين منها الى الله غفور اى غفورا لمن اتى اليه بتلك الصفة بنعت الندم على ما سلمت من الذنوب طلبا لمشاهدة الغيوب قال ابن عطا افيها إيمان لها ام ليس فيها ايمان، ايمان جحود ام ايمان قبول ايمان تقليد ام ايمان حقيقة ومشاهدة قال سهل اى لذنوب من رجع اليه من عبيده غافرا ولهم راحما قال ابو عثمان الادب الدعاء قال بعضهم الاواب المتبرى من حوله وقوته المعتمد على الله فى كل نازلة ثم ذكر سبحانه بعد بر الوالدين برّ اقرباء المعرفة بالحقيقة بعدما فى الآية من رسوم الظواهر ومساكين المريدين وابناء السبيل من المتوسلين بقوله { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } حقوق هؤلاء تربيتهم فى الطريقة بذكر الحقائق من المعاملات والاحوال والمعارف والكواشف والعلوم الغيبية لهم فذو القربى اخوان المعرفة الذين وصلوا معالى المقامات والمسكين المريد الصادق الذى سكته لطف الله عن طلب غير الله وابن السبيل المحب الصادق فحق العارف نشر الاسرار وحق المسكين ذكر الانوار وحق المحب ذكر شمائل المحبوب زيادة لتمكين العارفين وشوق المحبين ورغبة المريدين وايضا ذو القربى الروح والمسكين العقل وابن السبيل القلب فحق الروح السماع الطيب والجمال الحسن والطيب والريحان وحق العقل الفكر والتفكر وحق القلب الذكر والتذكر وايضا حق الروح الفراغة وحق العقل الطاعة وحق القلب الاستيناس بالخلوة لطلب المشاهدة والروح ذو القربى لانه كان فى بدو الاول فى القربة والمشاهدة قبل خلق الخلق والمسكين العقل لانه فقير من ادراك حقيقة الوحدانية والقلب ابن السبيل لانه ينقلب فى سبيل الصفات لطلب عرفان الذات.