الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

قوله تعالى { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } ان الله سبحانه دعا عباده الى معرفة الاسمين الخاصين اللذين فيهما اسرار جميع الاسماء والصفات والذات والنعوت والافعال فالله اسمه وهو اسم عين جمع الجمع والرحمن اسم عين الجمع فالرحمن مندرج تحت اسمه الله لانه عين الكل واذا قلت الله ذكرت عين الكل فالقول خبر والخبر اثر والاثر ذكر والذكر فكر والفكر وقوع نور الفعل ونور العقل مقرون بنور الصفة ونور الصفة مقرون بنور الذات فاذا سميته ذكرته واذا ذكرته فنيت الصورة فى فعله بنعت الخشوع واذا فنيت الصورة ذكره العقل ففنى العقل فى الاسم والنعت واذا فنى العقل ذكره القلب بالصفة والوصف وفنى القلب فى الصفة واذا فنى القلب ذكره الروح بالذات ففنيت الروح في القدم واذا فنيت الروح ذكره السر بباطن العلم ففى السر فى الغيب وذكره سر السر فى غيب غيبه فلم يبق فى البين رسم ولا اسم ولا وصف من حيث العبودية وبقى الاسم والمسمى واحداً فى واحد قال تعالىكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } فاذا كان العبد فى قوله الله هكذا أو في قوله الرحمن هكذا فهو مصدر صفة القدم والبقاء وهو مصدر المقدرة والحياة فاذا قال الله يفنى الكل واذا قال الرحمن يبقى الكل من حيث الاتصاف والاتحاد فالاتصاف بالرحمانية يكون والاتحاد بالالوهية يكون قال الحسين ما دعا الله احد قط الا ايماناً فاما دعوة حقيقة فلا قال الواسطى اسماؤه لا تدخل تحت الحصر وذاته ليس بمشار اليه ولا بموصوف بصفة حقيقة الا بصفة المدح والحق وهو الخارج عن الاوهام والافهام فانى له النعوت والصفات وقال الاستاذ من عظيم نعمته سبحانه على اوليائه تنزيههم باسرارهم فى رياض ذكره بتعداد اسماء الحسنى فينقلبون من روضة الى روضة ومن مأنس الى مأنس ويقال الاغنياء ترددهم فى بساتينهم وتنزههم فى منابت رياحينهم والفقراء تنزههم فى مشاهدة تسبيحهم يسترحون الى ما يلوح لاسرارهم من كشوفات جلاله وجماله ثم ان الله سبحانه امر حبيبه وصفيه عليه الصلاة والسّلام بان يحمده لانه كان اهل المدح والحمد بالحقيقة لا غير امره بحمده بان اخبره عن تنزيه قدمه عن اشارة كل مبتدى الى ابتداء لان ابتداءه منزه عن كل ابتداء فان ابتداء قدمه هو القدم وقدم القدم ومنزه عن حصر الزمن وقدم قدمه مع تنزيهه عن العدد وعلة الابتداء لم يكن محلا للحوادث بقوله { لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } بدأ الكل من حواشى حرفيه النون وكافه فكافه ونونه منزه عن ان يكون محلا لحمل الحدثان واخذه من حيث المباشرة بدأ حين القدم جاء بامر القدم فظهر الكون من نيران الكاف والنون حيث اظهرها من العدم بالقدم فاذا قطع الخيال والاوهام عن درك الاولية روح الاسرار بأحديته عن كل ضد وند بان يزول عزته عن تعالى الاضداد عليه ففزع اسرار الموحدين عن نقائص الفناء ودخولها فى بقائه بقوله { وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مَّنَ ٱلذُّلِّ } فاذا افرد نفسه عن النقائص والنكائد وعلل الحوادث فردانية حقيقة منزهة عن اوهام المشيرين اليه بعلل الخيال والوهم والعدد والمدد امره بان يكبره ويعظمه من كل خاطر ممزوج بالتشبيه والتعطيل بقوة ظهور كبريائه فى قلبه لا من حيث العلم والصورة بقوله { وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } تعالي الله وتعالي كبريائه عن ان يكون فى ملكه متكبرا وفى ساحة جلاله متعظم قال ابن عطاء عظم منته واحسانه فى قلبك بعلمك بتقصيرك فى شكره وقال بعضهم اعلم انك لا تطيق ان تكبره الاية فاستغث به ليدل قلبك على مواقف التعظيم.