الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

قوله تعالى { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } ان الله سبحانه خلق الامم وجعل فيهم الاولياء والاكابر والانبياء والرسل فجعل الرسل شهداء على الانبياء وجعل الانبياء شهداء على الاولياء يشهدون عند الخلق بولايتهم وصدق محبتهم واخلاص توحيدهم وجعل نبينا صلى الله عليه وسلم شاهدا صادقا يشهد بولايتهم وصدق محبتهم واخلاص توحيدهم وجعل نبينا صلى الله عليه وسلم شاهدا صادقا يشهد بولاية اولياء امته واصفيائه خواص اهل نحلته فزال بذلك الابهام والعلن لانه كان عليه السّلام بين شواهدهم وحقائق اعمالهم فيما انزل الله عليه بلسان كتابه وواضح آياته قال الله سبحانه { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } مبينا لكل حق وباطل يفرق بين الصديقين والغالطين وهو كتابه المكنون وخطابه المصون يخبر عما كان وما يكون من كل حد وكل علم وانار سبيل الحقيقة واوضح طريق المعرفة وهو سراج الله فى العالم يخرج بنوره كل طالب صادق من ظلمات الاوهام وشكوك القتام وهو خطاب الحبيب الى الحبيب وذوقه مع الحبيب وسره معجون فى الحبيب وغرائبه مكشوفة له وعجائبه مصونة فى قلبه لا يعرفها غيره بالحقيقة فمن تابعه وصل اليه بحظ وافر واصل حاضر قال ابو على الجورجانى الخلق شهداء بعضهم على بعض وامة محمد صلى الله عليه وسلم هم شهود الانبياء على جميع الامم ومحمد صلى الله عليه وسلم هو المزكى المقبول فمن قدمه فهو المقدم ومن اخره فهو الموخر ومن تعلق به نجا ومن تخلف عنه هلك قال الله { وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } وقال الواسطىأَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } وانما خوطبت به دون غيرك لانك اهل المخاطبة وخوطبوا جميعا تبعا لك فبين لهم مرادنا فيما خوطبوا به فان اليك البيان وقال ابو عثمان المغربى فى الكتاب تبيان كل شئ ومحمد صلى الله عليه وسلم هو المبين لتبيان الكتاب ثم وصف كتابه بعد وصفه بانه مبين علوم جميع صفاته واسمائه ونعوته وذاته بانه - مع انه تبيان طريق معارفه وكواشفه - هادٍ للمسترشدين طريق معرفة وحدانيته وفردانيته ورحمة على احبائه بانه يخاطبهم به من حيث داء محبته فى قلوبهم يسمعهم خطابه واناجيله الذى فيه انباء غرايب لطفه باوليائه وعجائب صنعه باحبائه واصفيائه ليستانسوا بخطابه وسماعه ويتواجدوا بلذة كلامه وذلك نعمة تامة ورحمة كافة عليهم وعلى جمهور سُلاّك الطريقة وقصاد الارادة وبشرى لكل مقبل اليه واقف عليه ومنقاد بين يديه بنعت الخضوع والتسليم يبشرهم برضوانه الاكبر ووصاله الاوفر وهؤلاء المخاطبون بهذه الحقائق يؤكد الله الامر عليهم بان يعدلوا بين خلقه ويواسيهم باحسانه ورفقهم لهم برحمة وينهاهم عن مباشرة حظوظهم والحسد على اخوانهم بقوله { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ان الله سبحانه دعا العباد الى الاتصاف بصفته منها العدل والاحسان والشفقة والرحمة والقدس والطهارة عما لا يليق به فهو العادل والمحسن والرحمن والرحيم غير ظالم جائز وهو منزه عن جميع العلل فمن كسى انوار هذه الصفات بنعت الذوق والمباشرة وحلاه بزينتها يخرج عادلاً محسنا رؤفا رحيما طاهرا مطهرا صدقا مصدقا وليا حبيبا محبوبا مريدا مرادا مراعى محفوظا يعدل بنفسه فيدفعها عن الشرك والشك ورؤية الغير وطلب العوض فى العبودية وياخذ منها الاتصاف بينها وبين عباد الله بان لا يرى عيب غيرها بل يرى عيبها فى جميع الاوقات وينصف بين عباد الله ويحسن الى من اساء اليه ويعبد الله بوصف الروية وشهود غيبه ويراعى ذوى القرابة فى المعرفة والمحبة من المريدين الصادقين ويرحم الجهال من المسلمين وينهى نفسه عن مباشرة فواحش دعوى الانائية ومباشرة الهوى والشهوة ويدفعها عن الظلم باستكباره عن العبودية ويامرها باذعانها عند تراب اقدام اولياء الله ليكون مطمئنة فى عبودية الحق ذاكرة لسلطان ربوبيته وقهر جبروته وملكوته واحاطته بكل ذرة وفناء الخليقة قال السارى ليس من العدل المقابلات بالمجاهدات والعدل روية المنة منه قديما وحديثا والاحسان الاستقامة بشرط الوفاء الى الابد لذلك قال استقيموا ولن تحصوا وقال بعضهم العدل والاحسان ما استطاعها آدمى قط لان الله عز وجل يقول

السابقالتالي
2 3