الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

قوله تعالى { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } ان الله سبحانه حير الافهام والعقول عن حصر افعاله وبدائع صنعه لانها قاصرة بفتورها عن ادراك لطائف فعله وعجائب قدرته ما يصدر من غيبه من الالاء والنعماء اى اذا عجزته عن إدراك الخلق فكيف لا تعجزون عن ادراك الخالق وهو قادر ان يخلق على ظهر نملة الف الف عرش والف الف كرسى والف الف عالم يخلق بساتين الروحانية فى قلوب الاطيار والوحوش والبهائم وهم بها يعيشون يريحون ويسرحون ويخلق فى قلوب الجن جنان الرحمة ونيران العذاب ويخلق فى قلوب الملائكة بحار التسبيح والتهليل ويخلق فى قلوب عقلاء المجانين عيون الحكم والمحبة والشوق والمناجاة ويخلق لعشاق حضرته من العارفين من صور الروحانية عالما فى عالم ويتجلى بجوده وجلاله منها لهم ولا يعرفها الا شائق عاشق واقف باسرار الربوبية روى الضحاك عن ابن عباس فى قوله { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } قال يريد أنّ عن يمين العرش نهرا من نور مثل السماوات السبع والأرضين السبع والبحار السبع يدخله جبرئيل عليه السّلام كل سحر فيغتسل فيزداد نورا الى نوره وجمالا الى جماله وعظما الى عظمه ثم ينتفض فيخرج الله من كل قطرة يقع من ريشه كذا وكذا الف الف ملك يدخل منهم كل يوم سبعون الف ملك البيت المعمور وفى الكعبة سبعون الفا لا يعودون اليه الى ان تقوم الساعة قال بعضهم علمك الحق الوقوف عندما لا يدركه عقلك من اثار الصنع وفنون العلوم ان لا تقابله بالانكار فانه خلق ما لا يعلمه انت ولا يعلمه احد من خلقه الا من علّمه الحق الا ترى أنه يقول { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } قال القاسم مقدر عليكم من افعالكم ما لا تعلمون الا فى وقت مباشرته وهو عالم به لانه الذى قدّر وقضى وقال الواسطى يخلق فيكم من الافعال ما لا تعلمون انها لكم ام عليكم.