الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } * { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } * { ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

قوله تعالى { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً } الخطاب للعارفين الذين يشربون البان المحبة من بين بطون الافعاليات ما يحصل من بين فرث ودم من الايات من لطائف الصفات تشرب منها القلوب والارواح والاسرار على قدر مزاجها من القرب وايضا تشرب الارواح ما يحصل فى العقول الصافية من بين النفس والقلب من زلال بحر المشاهدة فهنالك منازل اعتبار المعتبرين قال ابو بكر الوراق العبرة فى الانعام تسخيرها لاربابها وطاعتها لهم وتمردك على ربك وخلافك له فى كل شئ وما يتعلق بما ذكرنا من حقائق الاشارات قوله سبحانه { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً } اى مما يتخذ الارواح والاسرار من ثمرات نخيل القلوب واعناب العقول شراب المحبة المسكرة صميمها وشراب الانس المتخذ من صفاء انوار الذكر الذى هو رزق حسن لتربية وجودها وذلك الشراب والسكر من تواثير مياه تجلى الجمال والجلال وصفاؤهما من صفو الوصال فاذا شربتهما صارت سكرانة من شوق الحق مستأنسة بوجه الحق سبحانه وفى هذا الاشارات اعتبار ومعرفة لالباء الحقيقة بقوله { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } قال الاستاد الرزق الحسن ما كان حلالا ويقال هو ما اتاك من حيث لا تحتسب وبيّن سبحانه موضع الحقيقة لاهل المعرفة فى منازل وحيه واختصاصه مما خلق به واكرمه بذلك بقوله { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } صرّح ببيان الحق موضع خاصية وحيه من النحل وامثالها مما فيه الحياة فانه تعالى اعطى من فيض فعله ونور صفته ورحمة ذاته كل ذى روح روحا يعيش بها ويكون مستعدا لقبول وحيه بها ومنها يعرف صانعه وخالقه ويعرف مكان رزقه ويعبد الخالق بما يفعل من عبوديته وربوبيته بقدر قوته فى تلقف الالهام منه بلا واسطة فهو تعالى ألهم الجمهور بنفسه لانهم موضع اسراره لا يطلع عليها جميع العقلاء وبقدر نور الالهام يتولد منهم حقائق الاشياء الغيبية ومراتب الإلهام والالهام على مراتب الفعل والصفات فمن كان مشربه من الهام الافعال فيصفو ومن كان مشربه من الهام الصفات فمواليده اصفى وانور الا ترى الى النحل كيف يكون ثمرتها عسلاً فيه شفاء كل عليل لان الهامه تختص بالصفة دون الفعل فامرها باكل الطيبات من كل ثمرات خواص الخواص والانوار واتخاذها طيبات المساكن من الجبال والاشجار فعلى قدر صفاء ثمرة الاشجار ولطفها وطيبها يكون العسل فكل ثمرة اصفى مما تاكل منها عسله اصفى فاوحى الحق نحل الارواح ان تتخذ اماكنها من جبال انوار الذات واشجار انوار الصفات وانوار عرش الافعال ولا تسكن غيرها من مواضع الحدثان حتى لا تتعود علاتها ولا يلتصق عليها غبارها الا ترى الى قوله عليه السّلام

السابقالتالي
2