الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

قوله تعالى { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا } الانفس بالتفاوت فنفس تجادل عن معصيتها ونفس تجادل عن طاعتها ونفس تجادل عن خوفها من النار ونفس تجادل عن طمعها فى الجنة وهؤلاء الانفس مشغولة بمجادلتها عن مشاهد خالقها والشوق الى لقائه والنفس المنبسطة العاشقة الهائمة تنبسط الى ربها وتدل عليه دلال عاشق على معشوقه وشائق على مشوقه وتقول فى مجادلتها وانبساطها الهى فعلت بى ما فعلت فى الدنيا ابتليتنى ببلايا محبتك وعظائم الشوق اليك وحبستنى فى دار الامتحان مع اعدائى فاين عدلك وانصافك اما ان وقت حصول المراد فتكشف لى جلال سرمديتك حتى انظر اليك بك ابدا فكل نفس ليس هذا دابها فهى محجوبة بمجادلتها محجوجة بعملها فى الدنيا والاخرة وهو تعالى يعطى كل ذى فضل فضله ويعطى مامول كل نفس بقدر طاعتها وهو منزه عن النسيان والظلم والضلال فيجازى الكل باحسانه فانه لا ينقص من ملكه مثقال ذرة وان يدخل الكل فى جواره ويريهم جماله قال بعض الخراسانيين ذهب وقت الخلق فى الدنيا اشتغالا بنفوسهم فى الدنيا تجادل عنها وفى الاخرة تجادل عنها فمتى يتفرغ الى معرفة الحق وقال الاستاد المؤمن لا نفس له قال تعالىإِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ } فانفسهم اشتراها الحق منهم ثم اودعها عندهم فليس لهم فيها حق وانما يراعون فيها امر الحق سبحانه.