الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } * { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ }

قوله تعالى { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } واسى الحق حبيبه بما سمع من اعلائه وقال انت بمرأى منا فلا يضيق صدرك من لطافتك بما يقول الجاهلون بنا فى حقنا بما لا يليق بتنزيهنا فتره انت صفتنا مكان مقالتهم فينا فان مثلك ينزهنا لا غير وكن من الساجدين حتى ترانا بوصف ما علمت منا وتخرج من ضيق الصدر فى مشاهدة جمالنا فاذا كنت تعايننا يسقط عنك ضيق صدرك من جهة مقالتهم قال الواسطى نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون فينا من الضد والند والشريك فسبح بحمد ربك لا تضيق به صدرا فانا فى الازل نزهنا صفاتنا عما احدثوه من هذه الالفاظ قال بعضهم يضيق صدرك بما يقولون اذا رجعت اليهم او سمعت منهم ارجع الى مشاهدتنا فانه وطن الحق ولا يضيق صدرك قال الواسطى هذا تعزية للمحسودين من العلماء فقال ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون بجهلهم وحسدهم فيكم ثم امرهم بلزوم طاعته بقوله { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } قال الاستاذ { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ } ولم يقل قلبك لانه كان فى محل المشهود ولا راحة للمؤمن دون لقاء الله ولا يكون مع اللقاء وحشة ثم امر حبيبه بخالص العبودية عن كدر الخليقة بقوله { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } اليقين ههنا مشاهدة الصرف اى اذا بلغت مقام المشاهدة وحقيقة الرؤية وشاهدت مشاهدة الازل وغبت فى بحر الابدية سقط عنك فى تلك الحال تظاهر العبادة حتى تفيق عن تلك الحالة قال فى مقام المشاهدة الاشتغال بالعبادة ترك الادب وما اردنا بهذا التفسير خلع دبق العبودية عن اعناق اهل المعرفة لكن اردنا ان العارف اذا عاين الحق يكون مجذوبا بشوق الحق اليه الى جماله وهناك هو عروس الحق ومحبوبه لا يجوز ان يشتغل برسم من الرسوم بل الاشتغال بحكم الوقت عين العبودية واى عبودية اعظم من متابعة مراد المحبوب لكن ما دام قادر ان يكون مصححا ظاهر رسوم العبادة ولم يكن سكرانا غائبا يلزم عليه حفظ الاوقات فى العبودية الى الممات وهذا من شعار اهل التمكين قال الواسطى لا يلاحظ غيره فى الاوقات حتى يأتيك اليقين فيتحقق عندك انك لا تحس بغير الحق ولا ترى الا الحق ولا يجاذبك الا الحق وقال فارس حتى تتيقن انك لست تعبده حق عبادته وقال ايضا من نظر الى معبوده سقط عن عبادته ومن نظر الى عبادته سقط عن معبوده وقال الحسين { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } اى انك تستيقن بانك لا تعبده ولا يعبده احد حق العبودية ابتداء وانتهاء فتستوجب بما لا بد من مكأفاته وقال ابن عطاء ان الله حكم على اصفيائه واحبائه واخلائه ان لا يخرجهم من الدنيا الا وطوق العبودية فى اعناقهم ولباس الخدمة عليهم ولذا قال لحبيبه صلى الله عليه وسلم من بين بريّته { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } وقال الحسين بن عبد الله بصدق التوحيد خرج عن رسوم التقليد وابان عن شرف التفريد فصار علمه جهلا وعرفانه نكرة وقال الحسين العبودية كلها شريعة والربوبية كلها حقيقة قال الاستاذ قف على بساط العبودية معتنقا للخدمة الى ان تجلس الى بساط القربة وتطالب باداب الوصلة ويقال النوم شرائط العبودية الى ان ترقى بل تلقى بصفات الحرية.