قوله تعالى { قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ } ثم ان الله سبحانه اذا اغلق ابواب الفراسة على الانبياء والصديقين لا يرون مرقومات المقدرات ولا يعلمون بحقائق المغيبات، الا ترى كيف غاب حديث رؤية روح اسحاق ويعقوب عن الخليل حتى قنط من نفسه ان يكون ذلك فى كبره ولو راى ذلك فى سر القدر لم يقل ابشرتمونى على ان مسنى الكبر ولم يكن شاكا فى قدرة الله ولكن لم ير هناك فى ذلك الوقت ما عند الله من مكنون سره وايضا كان فى كبر سنة هائما فى اودية الخلة مستغرقا بوصف الشوق فى بحار المحبة مستانسا بجمال المشاهدة مستوحشا من احكام الحدوثية فقال اى وقت لتربية الولد وانى كنت على جناح سفر الوصلة وتصديق ذلك قوله فبم تبشرون اى باى شئ تبشرون وانى غائب فى الحق واصل النكتة فى هذا ان الخليل راى فى سطور مقدرات الغيب بنور النبوة اسم اسحاق ويعقوب وراى بروحه روحهما فقال ابشرتمونى على ان وصل الى الكبر وبلّغنى الحق الى درجة الشيخوخة ولا يخفى مثل ذلك علىّ فبم تبشرون وانى ارى بنور نبوتى ما لا ترون بنور الملكية قال الجوزجانى ايام الكبر ايام القنوط من الدنيا وما فيها والاقبال على الآخرة وما عند الله الا ترى ان ابراهيم عليه السلام لم يقبل بشرى الولد من الملائكة عند الكبر فقال ابشرتمونى على ان مسنى الكبر فبم تبشرون الى ان ذكروا له ان البشرى له من الله فزال عنه القنوط لعلمه بقدرة الله على ما يشاء.