الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } * { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ }

قوله تعالى { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ } خلق سماوات الارواح وعرض القلوب زين السموات بانوار الجبروت وزين الارضين بانوار الملكوت رفع هذه السماوات بانوار الذات وبسطة هذه الارضين بانوار الصفات { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ } انزل من سماء القيومية على سماء الارواح امطار انوار وانزل من سماء الارواح على ارض القلوب امطار المعرفة والتوحيد فاخرج بتلك المياه من جنات القلوب ثمار المحبة والالفة والشوق والعشق رزقاً للعقول والاسرار والنفوس { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } سخر للارواح ان تسير فى فلك قلوبها فى بحر الاولية والاخروية وتسبق بشمال همم الوجدان عجائب بحار الذات والصفات من جواهر الاسرار والانوار فيؤيدها الحق بأن يجري رياح الكرم ولطائف القدم ليوصلها به منه اليه { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } سخر العقول اجراء انهار الافكار والاذكار ولادراك الانوار والاسرار اجرى الحق فى ارض القلوب انهار معرفته ومحبته يسقيها معادن نور حكمته وعروق ورد شوقه واصول شقائق الصدق والاخلاص { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَيْنَ } الشمس والقمر هٰهنا نور الايمان ونور اليقين ونور المعرفة ونور التوحيد ونور المحبة والشوق ونور الهداية والتوفيق واصل ذلك شروق شمس مشاهدة الذات وبروز قمر نور الصفات من مطالع الارواح والقلوب ليربيا نبات المعارف واشجار الكواشف ونرجس الايمان وورد الايقان { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } جاء بظلمة النفس للامتحان وجاء بنهار القلب للعرفان جاء بليل القهر للنكرة وجاء بنهار اللطف للمعرفة جاء بليل الحجاب للعتاب وجاء بنهار كشف النقاب للسرور بالمآب ربى سواكن الارواح والقلوب والعقول والنفوس والاشباح من الاسرار والفهوم والعلوم والحكم والفطن والحقيقة والمعرفة والمحبة والصدق والاخلاص والتوكل والرضا بليل كشف ظلال الصفات وظهر نهار سبحات الذات ليتم نعمته من الولاية والكرامات لها التى لا نهاية ولا غاية.