الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ }

قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } اشار سبحانه الى كلمتة القديمة التى تكلم بها فى اصطفائيته اهل معرفته، طابت كلمته وهى اطيب الطيبات باصطفائية اهل الولاية وتلك الكلمة القديمة شجرة الصفات اصلها ثابت فى القدم وفرعها فى سماء البقاء وتلك الشجرة منزهة عن تغاير الحدثان وعن التبديل بطوارق القهريات قال تعالىلاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } مياه تلك الشجرة من بحار حسن العناية الازلية والإرادة القديمة تؤتى اكلها ثمرات تجليها لارواح المحبين والعارفين والموحدين كل حين تفيض فيض انوارها على افئدة الصديقين وعقول المقربين فاكل تلك الشجرة ثمرات تجلى جميع الصفات والذات تربى بها قلوب الاولياء والصديقين فثمرة مشاهدة الذات يورث لقلوب الموحدين التوحيد والتفريد والفناء والبقاء والصحو والمحو والحيرة والوله وثمرات الصفات يورث لقلوب العارفين على قدر تجليها فكل صفة يورث لها حقيقة من تلك الصفة فميراث صفة العظمة الهيبة والخوف والاجلال وميراث الكبرياء البهته والخجل والحياء وميراث الجلال الخشية والخضوع وميراث الجمال المحبة والشوق والعشق وميراث العلم المعرفة بالعلوم اللدنية وميراث القدرة الكرامات وميراث نور السمع استماع اصوات هواتف الغيب وميراث نور البصر الفراسات الصادقة وسماوية الغيب وغيب الغيب وميراث نور الخطاب والكلام الاطلاع على الاسرار والوله والهيمان فى الانس والمناجاة وميراث الحياة حياة القلب بالربّ وحياة العقل بنور القلب وحياة الروح بروح الوصال وميراث رؤية القدم والبقاء الزفرات والعبرات والمواجيد والصعقات وميراث رؤية انوار فعله الحكمة ببطون الافعاليات ودقائق المقامات وحقائق المعاملات وادراك نور شواهد الايات فى كل ذرة فى مرائى الافاق وميراث ثمرة الارادة صدق العبودية واخلاص المحبة. ويسهل له جميع المرادات ما دام متصفا بالارادة ومن اكل ثمرا من ثمار تلك الشجرة يحيا بحياة الابدية ويبقى فى انوار الازلية لا يطرأ عليه بعد ذلك طوارق الفناء وايضا الكلمة الطيبة كلمة ألهمت فى قلوب احبائه وتلك الكلمة شجرة المعرفة وأصلها ثابت فى ارض القلوب وفرعها فى سماء الارواح ومياه تلك الشجرة من بحر كشف المشاهدة توتى اكلها كل حين باذن ربها من انواع المقامات والحالات والكشوفات والكرامات والفراسات وترسو فى بستان الوصلة ليحفظها من جائحات الوسواس والهواجس وايضا تلك الشجرة الطيبة كلمة التوحيد التى غرسها الحق فى ارض بساتين الارواح وأصلها هناك ثابت بالتوفيق وفرعها فى سماء القربة وسقاها من سواقى العناية، وساقها المعرفة واغصانها المحبة واوراقها الشوق وثمرها العشق وحارسها الرعاية ومزرعها الكفاية وأنهارها الانس توتى اكلها كل حين فى جميع الانفاس من لطائف العبودية وعرفان انوار الربوبية مساكن ظلها العقول وظلها من ظلال الجمال وهذه الثمرات فى اوان كمالها مرفوعة على خوان المشاهدة والقربة قال تعالى

السابقالتالي
2