الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ }

قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ } خلق الكون بحق ارادته القديمة والمشيئة السابقة التى سبقت بكون الكون فى الازل وايضا علم الكون حقا فى الازل فاظهر الكون بحق العلم والارادة والمشيئة اظهار الحق حقيقة ولحقوق ربوبيته وعرفانه من اهل عبوديته كأنه خاطب لرؤية تلك الحقائق ثم ارتقى من رؤية الحقيقة الى رؤية عين الحقيقة بقوله { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ } ثم نزل من الذات الى الصفات ومن الصفات الى الافعال وقال { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ } فرؤية انوار فعله للعقول ورؤية انوار صفاته للقلوب ورؤية انوار ذاته للارواح ورؤية انوار عين الحقيقة للاسرار قال سهل خلق الاشياء كلها بقدرته وزينها بعمله واحكمها بحكمه فالناظر من الخلق الى الخالق يتبين له من الخلق عجائب الخليقة والناظر من الخالق الى الخلق يكشف له عن آثار قدرته وانوار حكمته وبدائع صنعه وقال بعضهم خلق السمٰوات عالية على الارضين مرتفعة عليها وجعل عمارة الارضين من بركات السماء وما يصل اليه منه كذلك خلق النفوس وجعل القلوب اميراً عليها وجعل نجاة النفوس وراحتها فيما يصل اليها من بركات القلوب فمن طهر قلبه لاستصلاح المشاهدة أتته الفوائد والزوائد من الحق فى جميع الاوقات.