الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } * { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ }

قوله تعالى { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } اى انت منذر المريدين من عقوبة الحجاب او منذر المحبين من موارة العتاب ومنذر العارفين من صولة الاجلال والخجل والحياء فى مشاهدة الكمال ولهؤلاء لكل واحد منهم هو بجلاله تعالى معرفة طريقه اليه ويوفقه بما اختار له فى الازل اى انت منذر مخبر عنا ونحن نهديهم الينا لانك شفيع الجناية لا شريك الحفظ وايضا لكل قوم لكل طائفة من اهل المعرفة شيخ يعرفهم طريق الحق ولا بأس بانه فعل الله وفعله ميراث صفته وصنعته قائمة بذاته كانه هو من حيث عين الجمع الا ترى الى قوله لصفيهوَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } قال ابن عطاء انما انت مخبر عنا بصدق ما اكرمناك به عن القرب والزلف قال بعضهم انما انت قائم بنا داع الينا فالسعيد من اطاعك وقبل منك والشقى من عصاك واعرض عنك قوله { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } وصف إحاطة علمه القديم فى القدم على كميّة كل مقدور قبل ظهوره من العلم فاستوى علمه القديم بمقادير ما اوجدها بعد عدمها بحيث لا ينقص مثقال ذرة اذ لا نقص فى عز ربوبيته واحاطته بمقدوراته اصطفى سلاك مسالك معرفته ومحبته بمقدار اختياره الازلى قبل اصطفايتهم فكلهم يسلكون بمقادير المعرفة السابقة والاصطفائية واصل الحقيقة من قوله { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } اى بقدر وعز وشرف اذ الكل منه يبدو وقدرها من قدره وشرفها من شرفه وايضا اى كل شئ عنده لفظات بيد قدرته ولها حد ومقدار لان من اوصاف الحدثان الحدود والنقصان اى كل شئ محدود مقدور لاجلال قدر القدم قال الحسين كل ربط مجده واوقف معرفته فلا يجاور قدره الا من يعدو طوره قال بعضهم كل شئ بوزن ومقدار ومن لم يزن نفسه ولم يطالع انفاسه فهو فى حيز الغافلين ومن لم يعرف مقداره وقدر عظيم النعمة عنده العجب بنفسه او بما يبدو منها.