الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ }

قوله تعالى { لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ } دعوته الحق مساواته فى الازل بنعت محبته وشوقه الى ارواح المحبين والعارفين فاستجابته باجابة المحبة والشوق اليه وايضا له دعوة الحق على لسان الصديقين يدعون بها المسترشدين الى مشاهدة جماله حين وصفوا جلاله وجماله ليبدو فى قلوبهم اثار محبته وهذه الدعوة سالمة من معاينة الهلاك وما سواها من الدعوة فهو دعوة صاحب النفس والجهل من راس الرياء والسمعة لا يقضى الا الى الاحتجاب والعمه عن طريق الصواب قال الله { وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } اى وما دعاء المرائين من اصحاب النفوس والهوى الا فى ضلال عن طريق الحق والاخلاص قال ابن عطاء اصدق الدعاوى دعاوى الحق فمن اجاب داعى الحق بلغه الى الحق ومن اجاب داعى النفس رمى به الى الهلاك قال بعضهم داعى الحق من يدعو بالحق الى الحق وقال جعفر من دعا نفسه فانى نفسه داعى وهو الكفر والضلال وذلك محل الخيانة والاسقاط من درجات من اهل الأمانة فان الدواعي يختلف داعى بالحق وداعى الى الحق وداعى الى طريق الحق كل هؤلاء دعاة يدعون الخلق الى هذه الطريق لا بانفسهم فهذه طرق الحق وداعى يدعو بنفسه فالى اى شئ دعا فهو ضلال وقال الاستاذ دواعى الحق صارخة فى القلوب من حيث البرهان فتدعو العبد بلسان الخواطر فمن استمع اليها بسمع التفهم استجاب ببيان العلم وفى مقابلتها دواعي الشيطان وهى موبقة للعبد تتزين المعاصى فمن اصغى اليها بسمع الغفلة استجاب بصوت الغى ومعها دواعى النفس وهى فائدة للعبد بزمام الحظوظ ومن ركن اليها ولاحظها وقع فى هوان الحجاب ومن الدواعى دواعى الحق بلا واسطة ملك ولا بدلالة عقل ولا باشارة علم فمن اسمعه الحق ذلك استجاب لا محالة بالله لله وقال فى قوله { وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } هواجس النفس ودواعيها تدعو الى ما فى الطريقة شرك وذلك شهود شئ منك وحسبان امر وتعريج فى اوطان الفرق والعمه عن حقائق عين الجمع وقد وقع لى فى زمان الصبى من هذا القبيل فى دواعى كلمات المسطورة وذلك ما تفحصت اسرار الخواطر فوجدت دواعى اللطف والقهر من الحضرة على سبعة انواع دعوة الحق خاصة بلا واسطة ودعوة لمة الملك ودعوة الروح ودعوة العقل ودعوة القلب ومن قبيل قهره دعوة النفس والشيطان والان اتمم عشرة الثلاثة الزيادة اثنان من قبيل اللطف والواحد من قبيل القهر والاثنان لسان السر ولسان اسرار السر والواحد لسان الفطرة الطبيعة واما دواعى القهريات واولها دواعى الشيطان وعلامتها النزع وهيجان النفس والطبيعة واحتراق في الصدر غمة فى القلب وغبار فى عين الروح وخفة فى النفس وانجذاب فى الطبيعة الى طلب حظوظ الشهوات واكثر ما يلقى الوسواس ما يفضى الى الكفر والكبائر فمن أجاب تزندق وهلك فى اودية التشبيه والتعطيل والاهواء المختلفة والثانى هواجس النفس الامارة تدعو صاحبها الى الوان الشهوات وحظوظها واشهارات السوء والفحشاء وجميع الاخلاق المذمومة وربما تدعوا النفس والشيطان صاحبهما بلسان السلم الى مهالك الرياء والسمعة وقليل من يعرف ذلك المكر والخديعة فمن اجابها صار مرتهنا بالبطالة والكسالة والقساوة ويكون محجوبا عن حسن الارادة والصحبة والثالث داعى الفطرة الطبيعة وذلك سر عجيب هو تحرك الفطرة المخمرة باستعداد قبول الشهوة الخفية التى فى مكامن غيب القلب وهو يكون بعد ان يحركها سر القهر الى طلب ما خلق لها من لذائذ ميلها وحركتها الى ما يقوى به من الصفات البشرية والشهوة وذلك الشهوة الشهوة الحقية التى اضمرتها الفطرة الطبيعة وتلك ما استغاث منها النبى صلى الله عليه وسلم وقال

السابقالتالي
2 3