الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ }

قوله تعالى { وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ } خاف يوسف بنيامين من معرفته على قلقه وشوقه الى يوسف لو أن يعرف يوسف بغتة لهلك فاواه اليه ليعرفه الحال بالتدريج حتى يحتمل اثقال السرور برؤية يوسف وايضا راى وحشة حيث بقى وحيداً بلا يوسف بين الاخوة فانسه بقربه وذلك من احتمال بنيامين عذاب الفراق والم البعد ولو كانوا كبنيامين لاواهم اليه جميعا لكن الكشف والمشاهدة على قدر الم المحبة والشوق قال الاستاذ حديث المحبة اقسام اشتاق يعقوب الى لقاء يوسف فبقى فى الاحزان سنين كثيرة واشتاق يوسف الى بنيامين فرزق رؤيته فى اوجز مده هكذا الامر فمنهم مرفوق به ومنهم صاحب بلاء ويقال لئن سخنت عين يعقوب بمفارقة بنيامين فلقد قر عين يوسف بلقائه كذا الامر لا يغرب الشمس عن قوم الا يطلع على اخرين فلما ذاق يوسف وبنيامين طعم الوصال بدوام الوصال وتلطف فى اهل بقائه عنده بما حكى الله سبحانه عنه بقوله { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ } ان الله سبحانه بفضله ولطفه اجرى على يوسف بعض ما اجرى على اخوته فى اخذ بنيامين ونسب السرقة اليهم جميعا لتخفف على الاخوة اثقال الجفوة السالفة منهم على يوسف ما دام نسبهم الى السرقة ثم ان الله سبحانه جعل يوسف شريكا مع اخوته فى ابدانهم اياهم حيث اخذ بنيامين عنه ونسبه الى السرقة ليكونوا جميعا فى الجرم سواء ويحتمل ان من كرمه فعل ذلك لئلا يخجلوا فيه بين يديه حيث جعل نفسه معهم شريكا فيما جرى عليهم وطاب قلب بنيامين برؤية يوسف ووصاله فاحتمل الملامة وكيف لا يحتمل ذلك وبلاء العالم محمودة بلمحة رؤية المعشوق وكيف يوثر الملامة فيمن كان فى وصال محبوبه
أجد الملامة فى هواك لذيذة   حثا لذكرك فليلمنى اللوم
وفى الاية اشارة لطيفة ان من اصطفاه الله فى الازل بمحبته ومعرفته ومشاهدته حيث خاطب الارواح والاشباح وضع فى محمله ضاع ملامة الثقلين الا ترى الى ما فعل ادم صفيه عليه السلام اصطفاه بقولهإِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ } ثم عرض الملامة فحمله بقولهفَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ } ثم هيج شهوته الى حبه الحنطة حتى اكلها ونادى عليه بلسان الازلىوَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ } ذلك من غاية حبه له حتى صرفه عن الكون وما فيه ومن فيه اليه ولولا ان كشف جماله لا يحتمل بلاء الملامة كما فعل يوسف بنيامين اواه اليه وكشف جماله له وخاطبه ثم نادى عليه بالسرقة ليبقيه معه والإشارة فى قوله { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } اى سرقتم امانة المعرفة وحقائق الاخوة بينى وبينكم حين فعلتم ما فعلتم بابيكم واخيكم قال جعفر فى قوله { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } اضمر يوسف فى امره مناديه اياهم بالسرقة ما كان منهم فى قصته مع ابيهم ان فعلكم الذى فعلتم مع ابيكم يشبه فعل السراق وقيل انكم لسارقون لعاقون لابيكم فى امر اخيكم حيث اخذتموه منه وخنتموه فيه وعن على بن موسى الرضا عن ابيه عن جعفر قال من سرق قلبه عن ربه نودى يوم القيامة يا سارق وكل سارق عليه القطع ومن لم يكن للوصال اهلا فكل احسانه ذنوب قال الاستاذ احتمل بنيامين ما قيل فيه من السرقة بعدما بقى مع يوسف ويقال ما نسب اليه من سوء الافعال هان عليه فى جنب ما وجد من الوصال.